وأما قوله تعالى:{ والملك صفّاً صفّاً} ف{ صفّاً} الأول حال من{ الملك} .
و{ صَفّاً} الثاني لم يختلف المفسرون في أنه من التكرير المراد به الترتيب والتصنيف ،أي صفّاً بعد صفِّ ،أو خَلْفَ صفّ ،أو صنفاً من الملائكة دون صنف ،قيل: ملائكة كل سَماء يكونون صفّاً حول الأرض على حدة .
قال الرضي وأما تكرير المنكَّر في قولك ،قرأت الكتاب سورةً سورةً ،وقوله تعالى:{ وجاء ربك والملك صفاً صفاً} فليس في الحقيقة تأكيداً إذ ليس الثاني لتقرير ما سبق بل هو لتكرير المعنى لأن الثاني غير الأول معنى .والمعنى: جميع السور وصفوفاً مختلفة ا ه .وشذّ من المفسرين من سكت عنه .ولا يحتمل حمله على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله إذ لا معنى للتأكيد .
وإسناد المجيء إلى الله إما مجاز عقلي ،أي جاء قضاؤه ،وإما استعارة بتشبيه ابتداء حسابه بالمجيء .
وأما إسناده إلى الملَك فإما حقيقةٌ ،أو على معنى الحضور وأيًّا مَّا كان فاستعمال ( جاء ) من استعمال اللفظ في مجازه وحقيقته ،أو في مَجَازَيْه .
و{ الملَك}: اسم جنس وتعريفه تعريف الجنس فيرادفه الاستغراق ،أي والملائكة .
والصف: مصدر صَفَّ الأشْياءَ إذا جعل الواحد حذو الآخر ،ويطلق على الأشياء المصفوفة ومنه قوله تعالى:{ إن اللَّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً}[ الصف: 4] وقوله:{ فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفاً} في سورة طه ( 64 ) .