واستعمال{ وجيء يومئذ بجهنم} كاستعمال مَجيء الملك ،أي أحضرت جهنم وفتحت أبوابها فكأنها ( جاءَ ) بها جاء والمعنى: أظهرت لهم جهنم قال تعالى:{ حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها}[ الزمر: 71] وقال:{ وبرزت الجحيم لمن يرى}[ النازعات: 36] وورد في حديث مسلم عن ابن مسعود يرفعه: «أن لجهنم سبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها» وهو تفسير لمعنى{ وجيء يومئذ بجهنم} .وأمور الآخرة من خوارق العادات .
وإنما اقتصر على ذكر جهنم لأن المقصود في هذه السورة وعيد الذين لم يتذكروا وإلا فإن الجنة أيضاً مُحضرة يومئذ قال تعالى:{ وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين}[ الشعراء: 90 91] .
و{ يومئذ} الأول متعلق بفعل{ جيء} .والتقدير: وجيء يوم تُدَكّ الأرض دَكّاً دكّاً إلى آخره .
و{ يومئذ} الثاني بدل من{ إذا دكت الأرض} والمعنى: يوم تدكّ الأرض دكاً إلى آخره يتذكر الإِنسان .والعامل في البدل والمبدل منه معاً فعل{ يتذكر} .وتقديمه للاهتمام مع ما في الإطناب من التشويق ليحصل الإِجمال ثم التفصيل مع حسن إعادة ما هو بمعنى{ إذا} لزيادة الربط لطول الفصل بالجمل التي أضيف إليها{ إذا} .
و{ الإِنسان}: هو الإِنسان الكافر ،وهو الذي تقدم ذكره في قوله تعالى:{ فأما الإِنسان إذا ما ابتلاه ربه}[ الفجر: 15] الآية فهو إظهار في مقام الإِضمار لبعد مَعاد الضمير .
وجملة:{ وأنى له الذكرى} معترضة بين جملة{ يتذكر الإنسان} وجملة:{ يقول} الخ .
و{ أنّى} اسم استفهام بمعنى: أين له الذكرى ،وهو استفهام مستعمل في الإِنكار والنفي ،والكلامُ على حذف مضاف ،والتقدير: وأين له نَفْع الذكرى .