تعجيب آخر من حالٍ مفروض وقوعُه ،أي أتظنه ينهى أيضاً عبداً مُتمكناً من الهدى فتَعْجَبَ من نهيه .والتقدير: أرأيته إن كان العبد على الهدى أينهاه عن الهدى ،أو إن كان العبد آمراً بالتقوى أينهاه عن ذلك .
والمعنى: أن ذلك هو الظن به فيعجّب المخاطب من ذلك لأن من ينهى عن الصلاة وهي قربةٌ إلى الله فقد نهى عن الهدى ،ويوشك أن ينهى عن أن يأمر أحدٌ بالتقوى .
وجواب الشرط محذوف وأتى بحرف الشرط الذي الغالب فيه عدم الجزم بوقوع فعل الشرط مُجاراة لحال الذي ينهى عبداً .
والرؤية هنا علمية ،وحُذف مفعولا فعل الرؤية اختصاراً لدلالة{ الذي ينهى}[ العلق: 9] على المفعول الأول ودلالة{ ينهى} على المفعول الثاني في الجملة قبلها .
و{ على} للاستعلاء المجازي وهو شدّة التمكن من الهُدى بحيث يشبه تمكنَ المستعلِي على المكان كما تقدم في قوله تعالى:{ أولئك على هدى من ربهم}[ لقمان: 5] .
فالضميرَانِ المستتَران في فعلَي{ كان على الهدى أو أمر بالتقوى} عائدان إلى{ عبداً} وإن كانت الضمائر الحافّة به عائدة إلى{ الذي ينهى عبداً إذا صلى}[ العلق: 9 ،10] فإن السياق يرد كل ضمير إلى معاده كما في قول عباس بن مرداس:
عُدنا ولولا نَحْنُ أحدقَ جمعُهم *** بالمسلمين وأحرَزوا ما جَمَّعوا
والمفعول الثاني لفعل « رأيتَ » محذوف دل عليه قوله:{ ألم يعلم بأن الله يرى}[ العلق: 14] أو دل عليه قوله:{ ينهى} المتقدم .والتقدير: أرأيته .
وجواب:{ إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى} محذوف تقديره: أينهاه أيضاً .
وفُصِلت جملة:{ أرأيت إن كان على الهدى} لوقوعها موقع التكرير لأن فيها تكريرَ التَّعجيب من أحوال عديدة لشخص واحد .