هذا من ألطف خطاب القرآن ، وأشرف معانيه ، وأن المؤمن دائما مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه . وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه . فهو مع الله على عدوه الداخل فيه والخارج عنه ، يحاربهم ويعاديهم ويبغضهم له سبحانه ، كما يكون خواص الملك معه على حرب أعدائه ، والبعيدون منه فارغون من ذلك غير مهتمين به .
والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه على ربه .
وعبارات السلف علي هذه تدور . ذكر بن أبي حاتم عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال:عونا للشيطان علي ربه بالعداوة والشرك .
وقال ليث ومجاهد:يظاهر الشيطان على معصية الله ، يعينه عليها .
وقال زيد بن سلم:{ ظهيرا} أي:مواليا .
والمعنى:أنه يوالي عدوه على معصيته والشرك به ، فيكون مع عدوه معينا له على مساخط ربه فالمعية الخاصة التي للمؤمن مع ربه وإلهه قد صارت لهذا الكافر والفاجر مع الشيطان ، ومع نفسه وهواه وملذاته .
ولهذا صدر الآية بقوله:{ ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} وهذه العبادة:هي الموالاة والمحبة والرضا بمعبوديهم المتضمنة لمعيتهم الخاصة لهم فظاهر أعداء الله على معاداته ومخالفته ، ومساخطه ، بخلاف وليه سبحانه . فإنه معه على نفسه وشيطانه وهواه .
وهذا المعنى من كنوز القرآن لمن فهمه وعقله . وبالله التوفيق .