وهذا دليل على أنها فواحش في نفسها لا تستحسنها العقول ، فتعلق التحريم بها لفحشها ، فإن ترتيب الحكم على الوصف المناسب المشتق . يدل على أنه هو العلة المقتضية له ، وهذا دليل في جميع هذه الآيات التي ذكرناها ، تدل على أنه حرمها لكونها فواحش ، وحرم الخبيث لكونه خبيثا ، وأمر بالمعروف لكونه معروفا ، والعلة يجب أن تغاير المعلول ، فلو كان كونه فاحشة هو معنى كونه منهيا عنه ، وكونه خبيثا هو معنى كونه محرما:كانت العلة عين المعلول ، وهذا محال ، فتأمله .
وكذا تحريم الإثم والبغي دليل على أن هذا وصف ثابت له قبل التحريم .
ومن هذا قوله تعالى:{ ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا} [ الإسراء:32] فعلل النهي في الموضعين بكون المنهي عنه فاحشة . ولو كان جهة كونه فاحشة هو النهي لكان تعليلا للشيء بنفسه ، ولكان بمنزلة أن يقال:لا تقربوا الزنا ؛ فإنه يقول لكم لا تقربوه ، أو فإنه منهي عنه ، وهذا محال من وجهين:
أحدهما:أنه يتضمن إخلاء الكلام من الفائدة .
والثاني:أنه تعليل للنهي بالنهي !