تفسير الألفاظ:
{أدنى من ثلثي الليل} أي أقل من ثلثي الليل .وقد عبر عن ذلك بلفظ الأدنى الذي معناه الأقرب لأن الأقرب إلى الشيء أقل بعدا منه .
{فاقرءوا ما تيسر من القرآن} أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل ،عبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها .{وآخرون يضربون في الأرض} الضرب في الأرض كناية عن السفر فيها لطلب العلم أو التجارة .{وأقيموا الصلاة} أي المفروضة .{وأقرضوا الله قرضا حسنا} أي أسلفوه مالا ينفق في سبيل الله ليرده مضاعفا .
تفسير المعاني:
وقد علم أنكم لا تستطيعون تقدير أوقات الليل والنهار ولا ضبط ساعاتهما فتاب عليكم ما قصرتم في ذلك ،وأراد أن يخفف عنكم ،فصلوا ما تيسر لكم من الصلاة على قدر طاقتكم ،وإن لهذا التخفيف حكمة أخرى ،وهي أنه علم أن سيكون منكم مرضى ،وآخرون يسيحون في الأرض يطلبون من فضله بالتجارة أو التعلم ،وآخرون يقاتلون في سبيل الله ،فيتعذر عليهم التهجد قدرا محدودا ،فصلوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة المفروضة ،وآتوا الزكاة الواجبة ،وأسلفوا الله مالا لينفق في سبيله ليرده إليكم أضعافا مضاعفة ،وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا من الذي تؤخرونه من متاع الدنيا ،واستغفروا الله في جميع أحوالكم ،فإن الإنسان لا يخلو من إفراط وتفريط ،إن الله كثير المغفرة كثير المرحمة .قيل كان التهجد واجبا على التخيير المذكور ،فعسر عليهم القيام به فنسخ بالآية ،المخففة له ،وهي{فاقرءوا ما تيسر من القرآن} ،ثم نسخ بتاتا بالصلاة المفروضة .