ولهذا قال:( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) .
قال النسائي:أخبرنا عمرو بن منصور ، حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا أبو عوانة ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة عن ابن عباس قال:لما نزلت:( إذا جاء نصر الله والفتح ) إلى آخر السورة ، قال:نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنزلت ، فأخذ في أشد ما كان اجتهادا في أمر الآخرة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك:"جاء الفتح ، وجاء نصر الله ، وجاء أهل اليمن ". فقال رجل:يا رسول الله ، وما أهل اليمن ؟ قال:"قوم رقيقة قلوبهم ، لينة قلوبهم ، الإيمان يمان ، والحكمة يمانية ، والفقه يمان ".
وقال البخاري:حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق عن عائشة قالت:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:"سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي "يتأول القرآن .
وأخرجه بقية الجماعة إلا الترمذي من حديث منصور به .
وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق قال:قالت عائشة:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول:"سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ". وقال:"إن ربي كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي ، وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره ، إنه كان توابا ، فقد رأيتها:( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )
ورواه مسلم من طريق داود - وهو ابن أبي هند - به .
وقال ابن جرير:حدثنا أبو السائب ، حدثنا حفص ، حدثنا عاصم ، عن الشعبي عن أم سلمة قالت:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ، ولا يذهب ولا يجيء ، إلا قال:"سبحان الله وبحمده ". فقلت:يا رسول الله ، إنك تكثر من سبحان الله وبحمده ، لا تذهب ولا تجيء ، ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت:سبحان الله وبحمده ؟ قال:"إني أمرت بها "، فقال:) إذا جاء نصر الله والفتح ) إلى آخر السورة .
غريب ، وقد كتبنا حديث كفارة المجلس من جميع طرقه وألفاظه في جزء مفرد ، فيكتب هاهنا .
وقال الإمام أحمد:حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال:لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إذا جاء نصر الله والفتح ) كان يكثر إذا قرأها - وركع - أن يقول:"سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم "ثلاثا .
تفرد به أحمد . ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن عمرو بن مرة ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق به .
والمراد بالفتح هاهنا فتح مكة قولا واحدا ، فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون:إن ظهر على قومه فهو نبي . فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا ، فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا ، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ، ولله الحمد والمنة . وقد روى البخاري في صحيحه عن عمرو بن سلمة قال:لما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت الأحياء تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون:دعوه وقومه ، فإن ظهر عليهم فهو نبي . الحديث وقد حررنا غزوة الفتح في كتابنا:السيرة ، فمن أراد فليراجعه هناك ، ولله الحمد والمنة .
وقال الإمام أحمد:حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا أبو إسحاق ، عن الأوزاعي ، حدثني أبو عمار ، حدثني جار لجابر بن عبد الله قال:قدمت من سفر فجاءني جابر بن عبد الله فسلم علي ، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا ، فجعل جابر يبكي ، ثم قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وسيخرجون منه أفواجا ".
[ آخر تفسير سورة "إذا جاء نصر الله والفتح "ولله الحمد والمنة] .