فلما سأل ذلك قال الله تعالى:( سنشد عضدك بأخيك ) أي:سنقوي أمرك ، ونعز جانبك بأخيك ، الذي سألت له أن يكون نبيا معك . كما قال في الآية الأخرى:( قد أوتيت سؤلك يا موسى ) [ طه:36] ، وقال تعالى:( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) [ مريم:53] . ولهذا قال بعض السلف:ليس أحد أعظم منة على أخيه من موسى على هارون ، عليهما السلام ، فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيا ورسولا معه إلى فرعون وملئه ، ولهذا قال [ الله تعالى] في حق موسى:( وكان عند الله وجيها ) [ الأحزاب:69] .
وقوله تعالى:( ونجعل لكما سلطانا ) أي:حجة قاهرة ، ( فلا يصلون إليكما بآياتنا ) أي:لا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما بسبب إبلاغكما آيات الله ، كما قال الله تعالى [ لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -]:( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك [ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته] والله يعصمك من الناس ) [ المائدة:67] . وقال تعالى:( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ) [ الأحزاب:39] ، أي:وكفى بالله ناصرا ومعينا ومؤيدا . ولهذا أخبرهما أن العاقبة لهما ولمن اتبعهما في الدنيا والآخرة ، فقال:( أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) ، كما قال تعالى:( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة:21] ، وقال تعالى:( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد . يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر:51 ، 52] .
ووجه ابن جرير على أن المعنى:( ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما ) ، ثم يبتدئ فيقول:( بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) ، تقديره:أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا .
ولا شك أن هذا المعنى صحيح ، وهو حاصل من التوجيه الأول ، فلا حاجة إلى هذا ، والله أعلم .