ثم أخبر عن عباده السعداء أنهم لهم غرف في الجنة ، وهي القصور الشاهقة ( من فوقها غرف مبنية ) ، أي:طباق فوق طباق ، مبنيات محكمات مزخرفات عاليات .
قال عبد الله بن الإمام أحمد:حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها ، وظهورها من بطونها "فقال أعرابي:لمن هي يا رسول الله ؟ قال:"لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وصلى لله بالليل والناس نيام ".
ورواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، وقال:"حسن غريب ، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه ".
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن ابن معانق - أو:أبي معانق - عن أبي مالك الأشعري قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إن في الجنة لغرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وتابع الصيام ، وصلى والناس نيام ".
تفرد به أحمد من حديث عبد الله بن معانق الأشعري ، عن أبي مالك ، به .
وقال الإمام أحمد:حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تراءون الكوكب في السماء ". قال:فحدثت بذلك النعمان بن أبي عياش ، فقال:سمعت أبا سعيد الخدري يقول:"كما تراءون الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي ".
أخرجاه في الصحيحين ، من حديث أبي حازم ، وأخرجاه أيضا في الصحيحين من حديث مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال الإمام أحمد:حدثنا فزارة ، أخبرني فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة أهل الغرف ، كما تراءون الكوكب الدري الغارب في الأفق الطالع ، في تفاضل أهل الدرجات ". فقالوا:يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ فقال:"بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا الرسل ".
ورواه الترمذي عن سويد ، عن ابن المبارك عن فليح به وقال:حسن صحيح .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو النضر وأبو كامل قالا حدثنا زهير ، حدثنا سعد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - أنه سمع أبا هريرة يقول:قلنا:يا رسول الله ، إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد . قال:"لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم . ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم "قلنا:يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ، ما بناؤها ؟ قال:"لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . ثلاثة لا ترد دعوتهم:الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام ، وتفتح لها أبواب السماوات ، ويقول الرب:وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ".
وروى الترمذي ، وابن ماجه بعضه ، من حديث سعد أبي مجاهد الطائي - وكان ثقة - عن أبي المدلة - وكان ثقة - به .
وقوله:( تجري من تحتها الأنهار ) أي:تسلك الأنهار بين خلال ذلك ، كما يشاءوا وأين أرادوا ، ( وعد الله ) أي:هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنين ( إن الله لا يخلف الميعاد )