وقوله:( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) هذا استثناء يؤكد النفي ، فإنه استثناء منقطع ومعناه:أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"يؤتى بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ، ثم يقال:يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت "وقد تقدم الحديث في سورة مريم .
وقال عبد الرزاق:حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي سعيد وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يقال لأهل الجنة:إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ". رواه مسلم عن إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق به .
هكذا يقول أبو إسحاق وأهل العراق "أبو مسلم الأغر "، وأهل المدينة يقولون:"أبو عبد الله الأغر ".
وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني:حدثنا أحمد بن حفص ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج - هو ابن حجاج - عن عبادة ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من اتقى الله دخل الجنة ، ينعم فيها ولا يبأس ، ويحيا فيها فلا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ".
وقال أبو القاسم الطبراني:حدثنا أحمد بن يحيى ، حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا سليمان بن عبيد الله الرقي ، حدثنا مصعب بن إبراهيم ، حدثنا عمران بن الربيع الكوفي ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، رضي الله عنه ، قال:سئل نبي الله - صلى الله عليه وسلم -:أينام أهل الجنة ؟ فقال:"النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون ".
وهكذا رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره:حدثنا أحمد بن القاسم بن صدقة المصري ، حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا عبد الله بن المغيرة ، حدثنا سفيان الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون ".
وقال أبو بكر البزار في مسنده:حدثنا الفضل بن يعقوب ، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال:قيل:يا رسول الله ، هل ينام أهل الجنة ؟ قال:"لا النوم أخو الموت "ثم قال:"لا نعلم أحدا أسنده عن ابن المنكدر ، عن جابر إلا الثوري ، ولا عن الثوري ، إلا الفريابي "هكذا قال ، وقد تقدم خلاف ذلك ، والله أعلم .
وقوله:( ووقاهم عذاب الجحيم ) أي:مع هذا النعيم العظيم المقيم قد وقاهم ، وسلمهم ونجاهم وزحزحهم من العذاب الأليم في دركات الجحيم ، فحصل لهم المطلوب ، ونجاهم من المرهوب ;