وقوله:( يطوفون بينها وبين حميم آن ) أي:تارة يعذبون في الجحيم ، وتارة يسقون من الحميم ، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب ، يقطع الأمعاء والأحشاء ، وهذه كقوله تعالى:( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ) [ غافر:71 ، 72] .
وقوله:( آن ) أي:حار وقد بلغ الغاية في الحرارة ، لا يستطاع من شدة ذلك .
قال ابن عباس في قوله:( يطوفون بينها وبين حميم آن ) قد انتهى غليه ، واشتد حره . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والحسن ، والثوري ، والسدي .
وقال قتادة:قد أنى طبخه منذ خلق الله السماوات والأرض . وقال محمد بن كعب القرظي:يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم ، حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس . وهي كالتي يقول الله تعالى:( في الحميم ثم في النار يسجرون ) . والحميم الآني:يعني الحار . وعن القرظي رواية أخرى:( حميم آن ) أي:حاضر . وهو قول ابن زيد أيضا ، والحاضر لا ينافي ما روي عن القرظي أولا أنه الحار ، كقوله تعالى:( تسقى من عين آنية ) [ الغاشية:5] أي حارة شديدة الحر لا تستطاع . وكقوله:( غير ناظرين إناه ) [ الأحزاب:53] يعني:استواءه ونضجه . فقوله:( حميم آن ) أي:حميم حار جدا . ولما كان معاقبة العصاة المجرمين وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك ، قال ممتنا بذلك على بريته:( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .