يقولون لهم:(سلام عليكم بما صبرتم) على طاعة ربكم في الدنيا(فنعم عقبى الدار) .
* * *
وذكر أن لجنات عدن خمسة آلاف باب .
20342- حدثني المثنى قال:حدثنا إسحاق قال:حدثنا علي بن جرير قال:حدثنا حماد بن سلمة, عن يعلى بن عطاء, عن نافع بن عاصم, عن عبد الله بن عمرو قال:إن في الجنة قصرًا يقال له "عدن ",حوله البروج والمروج, فيه خمسة آلاف باب, على كل باب خمسة آلاف حِبَرة, (15) لا يدخله إلا نبيٌ أو صديق أو شهيدٌ . (16)
20343- ... قال:حدثنا إسحاق قال:حدثنا عبد الرحمن بن مغراء, عن جويبر, عن الضحاك, في قوله:(جنات عدن) قال:مدينة الجنة, فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى, والناسُ حولهم بعدد الجنات حوْلها .
* * *
وحذف من قوله:(والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم)،"يقولون "، (17) اكتفاءً بدلالة الكلام عليه, كما حذف ذلك من قوله:وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا. [سورة السجدة:12]
* * *
20344- حدثني المثنى قال:حدثنا سويد قال:أخبرنا ابن المبارك, عن بقية بن الوليد قال:حدثني أرطاة بن المنذر قال:سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له "أبو الحجاج ",يقول:جلست إلى أبي أمامة فقال:إن المؤمن ليكون متّكئًا على أريكته إذا دخل الجنة, وعنده سِمَاطان من خَدَمٍ, وعند طرف السِّماطين بابٌ مبوَّبٌ، (18) فيقبل المَلَك يستأذن؛ فيقول أقصى الخدم للذي يليه:(19) "ملك يستأذن "، ويقول الذي يليه للذي يليه:ملك يستأذن حتى يبلغ المؤمن فيقول:ائذنوا. فيقول:أقربهم إلى المؤمن ائذنوا. ويقول الذي يليه للذي يليه:ائذنوا. فكذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب, فيفتح له, فيدخل فيسلّم ثم ينصرف . (20)
20345- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال:أخبرنا ابن المبارك, عن إبراهيم بن محمد, عن سُهَيْل بن أبي صالح, عن محمد بن إبراهيم قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول:"السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ",وأبو بكر وعمر وعثمان . (21)
* * *
وأما قوله:(سلام عليكم بما صبرتم) فإن أهل التأويل قالوا في ذلك نحو قولنا فيه .
*ذكر من قال ذلك:
20346- حدثني المثنى قال:حدثنا إسحاق قال:حدثنا عبد الرزاق, عن جعفر بن سليمان, عن أبي عمران الجوني أنه تلا هذه الآية:(سلام عليكم بما صبرتم) قال:على دينكم .
20347- حدثني يونس قال:أخبرنا ابن وهب قال:قال ابن زيد, في قوله:(سلام عليكم بما صبرتم) قال:حين صبروا بما يحبه الله فقدّموه . وقرأ:وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا، حتى بلغ:وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا[سورة الإنسان:12-22] وصبروا عما كره الله وحرم عليهم, وصبروا على ما ثقل عليهم وأحبه الله, فسلم عليهم بذلك . وقرأ:(والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) .
* * *
وأما قوله:(فنعم عقبى الدار) فإن معناه إن شاء الله كما:-
20348- حدثني المثنى قال:حدثنا إسحاق قال حدثنا عبد الرزاق, عن جعفر, عن أبي عمران الجوني في قولهم (فنعم عقبى الدار) قال:الجنة من النار . (22)
--------------------------
الهوامش:
(15) "الحبرة"بكسر الحاء وفتح الباء ، ضرب من برود اليمن منمر .
(16) الأثر:20342 -"علي بن جرير"، مضى آنفًا برقم:20212 ، ولم أجد له ترجمة إلا في ابن أبي حاتم ، وهي مختلفة .
و"حماد بن سلمة"، ثقة مشهور ، مضى مرارًا .
و"يعلي بن عطاء العامري"، ثقة مضى مرارًا ، آخرها:17981 .
و"نافع بن عاصم الثقفي"، تابعي ثقة ، مضى برقم:15402 .
وهذا إسناد صحيح إلى عبد الله بن عمرو ، لولا ما فيه من جهالة"علي بن جرير"هذا . وهو موقوف على عبد الله بن عمرو ، لم أجد من رفعه .
(17) أي"وحذف ... يقولون".
(18) في المطبوعة:"وعند طرف السماطين سور"، مكان"باب مبوب"، لأنه لم يحسن قراءة المخطوطة . وقوله:"باب مبوب"، يعني مصنوع معقود . إن شئت قلت:قد اتخذ له بوابًا يحرسه .
(19) كانت العبارة في المطبوعة فاسدة مع زيادة جملة كاملة ، وهي"فيقول الذي يليه ملك يستأذن"مكررة ، وفي المخطوطة كالذي أثبت ، إلا أنه أسقط من الكلام"أقصى الخدم"، فأثبتها من الدر المنثور .
(20) الأثر:20344 -"بقية بن الوليد"، ثقة ، مضى مرارًا ، ولكن في حديثه مناكير ، أكثرها عن المجاهيل ، وهو كما قال الجوزجاني:"إذا تفرد بالرواية فغير محتج به لكثرة وهمه . ومع أن مسلمًا وجماعة من الأئمة قد أخرجوا عنه اعتبارًا واستشهادًا ، إلا أنهم جعلوا تفرده أصلا".
و"أرطأة بن المنذر الألهاني"، ثقة ، كان عابدًا، مضى برقم:17987 .
وأما"أبو الحجاج ، رجل من مشيخة الجند"، فأمره مشكل .
وذلك أن ابن قيم الجوزية ، رواه من طريق بقية بن الوليد عن أرطأة بن المنذر وفيه"أبو الحجاج"، وكذلك رواه من هذه الطريق نفسها ، ابن كثير في التفسير ، ثم قال:"رواه ابن جرير ، ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش ، عن أرطأة بن المنذر ، عن أبي الحجاج يوسف الألهاني قال سمعت أبا أمامة"، فصرح باسم"أبي الحجاج"وأنه"يوسف الألهاني"( حادي الأرواح 2:38 / تفسير ابن كثير 4:52 ) .
ولما طلبت"يوسف الألهاني"، وجدته في التاريخ الكبير للبخاري 4 / 2 / 376 ، 377 قال:"يوسف الألهاني أبو الضحاك الحمصي ، سمع أبا أمامة الباهلي وابن عمر ، وروى عنه أرطأة . حدثنا إسحق بن يزيد ، قال حدثنا أبو مطيع معاوية ، سمع أرطأة ، سمع أبا الضحاك".
ووجدته في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 / 2 / 35:"يوسف الألهاني ، أبو الضحاك الحمصي ، روى ابن عمر وأبي أمامة ، عنه أرطأة بن المنذر".
والذي نقله ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم نفسه فيه:"أبو الحجاج يوسف الألهاني"، والذي في الجرح والتعديل:"أبو الضحاك"، يؤيده ما جاء في التاريخ الكبير . والمشكل أن يتفق نص ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل . ونص البخاري ، ثم يختلف نقل ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم ، متفقًا مع ما جاء في نسخ الطبري ومن نقل عنه ، وكنيته فيها"أبو الحجاج"، والذي أرجحه أن الصواب هو ما في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم:"أبو الضحاك".
ومع كل ذلك لم أجد ما يهديني إلى الصواب المحقق ، و"يوسف الألهاني""أبو الضحاك"، أو"أبو الحجاج"، تابعي كما ترى ، ولكن لم أجد له ذكرًا في غير ما ذكرت من كتب ، ولم يبين حاله .
فهذا إسناد فيه نظر ، لما وجدت في التابعي من الاختلاف ، وقد رأيت أيضًا أنه لم يتفرد بروايته بقية بن الوليد ، عن أرطاة بن المنذر فيكون تفرد فيه بقية قادحًا في إسناده . فقد رواه عن أرطاة أيضًا"إسماعيل بن عياش". ومع ذلك يظل في الإسناد شيء ، وفي النفس منه شيء .
و"إسماعيل بن عياش الحمصي"، مضى مرارًا، آخرها رقم:14212 ، وهو ثقة ، ولكنهم تكلموا فيه ، وضعفوه في بعض حديثه .
(21) الأثر:20345 -"إبراهيم بن محمد"، هو"إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري"، ثقة مأمون ، مضى مرارًا ، آخرها رقم:11358 .
و"سهيل بن أبي صالح ، ذكوان السمان"، ثقة ، روى له الجماعة ، متكلم في بعض روايته . مضى أخيرًا برقم:11503 ، وكان في المطبوعة:"سهل"غير مصغر ، وهو خطأ . لم يحسن الناشر قراءة المخطوطة لأنها غير منقوطة .
و"محمد بن إبراهيم"، لعله:"محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي"، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 22 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 184 .
(22) أي الجنة بدلا من النار ، كما سلف في ص:422 .