وقوله ( إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) يقول:إن جهنم ساءت مستقرًّا ومقاما, يعني بالمستقرّ:القرار, وبالمقام:الإقامة; كأن معنى الكلام:ساءت جهنم منـزلا ومقاما. وإذا ضمت الميم من المقام فهو من الإقامة, وإذا فتحت فهو من قمت, ويقال:المقام إذا فتحت الميم أيضا هو المجلس، ومن المُقام بضمّ الميم بمعنى الإقامة, قول سلامة بن جندل:
يَوْمــانِ:يَــوْمُ مُقَامــاتٍ وأَنْدِيَـةٍ
وَيَـوْمُ سَـيْرٍ إلـى الأعْـداءِ تَـأوِيبَ (7)
ومن المُقام الذي بمعنى المجلس, قول عباس بن مرداس:
فــأيِّي مــا وأيُّــكَ كـانَ شَـرًّا
فقِيــدَ إلــى المَقَامَــة لا يَرَاهــا (8)
يعني:المجلس.
------------------------
الهوامش:
(7) البيت لسلامة بن جندل ، كما قال المؤلف . ( وانظر اللسان:أوب ) . والمقامات جمع مقامة ، بمعنى الإقامة ، والتأويب في كلام العرب:سير النهار كله إلى الليل . يقول:إننا نمضي حياتنا على هذا النحو:نجعل يوماً للإقامة ، يجتمع أولو الرأي فينا في أنديتهم ومجالسهم ، ليتشاوروا ويدبروا أمر القبيلة ؛ واليوم الآخر نجعله للإغارة على الأعداء نشنها عليهم ، ولو سرنا إليهم النهار كله فما نبالي ، لأننا أهل عزة ومنعة . واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى في صفة جهنم:{ إنها ساءت مستقرًا ومقامًا} أي إقامة .
(8) البيت لعباس بن مرداس ، أنشده ابن بري في ( اللسان:قوم ) وهو شاهد على أن المقام والمقامة ، بفتح الميم:المجلس . وقال البغدادي في الخزانة ( 2:230 ) يدعو على الشر منهما ، أي من كان منا شرَّا أعماه الله في الدنيا ، فلا يبصر حتى يقاد إلى مجلسه . وقال شارح اللباب:أي قيد إلى مواضع إقامة الناس وجمعهم في العرصات لا يراها ، أي قيد أعمى لا يرى المقامة . والبيت من جملة أبيات للعباس بن مرداس السلمي ، قالها لخفاف بن ندبه في أمر شجر بينهما .