و مع أنّهم مشتغلون بذكر الله وعبادته في الليالي ،ويقضون النهار في إنجاز تكاليفهم ،فإنَّ قلوبهم أيضاً مملوءة بالخوف من المسؤوليات ،ذلك الخوف الباعث على القوّة في الحركة أكثر وأفضل باتجاه أداء التكاليف ،ذلك الخوف الذي يوجه الإنسان من داخله كشرطي قوي ،فينجز تكاليفه على النحو الأحسن دون أن يكون له آمر ورقيب ،في ذات الوقت الذي يرى نفسه مقصراً أمام الله .
كلمة «غرام » في الأصل بمعنى المصيبة ،والألم الشديد الذي لا يفارق الإنسان .ويطلق «الغريم »{[2883]} على الشخص الدائن ،لأنّه يلازم الإنسان دائماً من أجل أخذ حقّه .
ويطلق «الغرام » أيضاً على العشق والعلاقة المتوقدة التي تدفع الإنسان بإصرار باتجاه عمل أو شيء آخر ،وتطلق هذه الكلمة على «جهنم » لأنّ عذابها شديد ودائم لا يزول .
ولعل الفرق بين «مستقراً » و«مقاماً » أن جهنم مكان دائم للكافرين فهي لهم «مقام » ،ومكان مؤقت للمؤمنين ،أي «مستقر » ،وبهذا الترتيب يكون قد أُشير إلى كلا الفريقين الذين يردان جهنم .
ومن الواضح أن جهنم محل إقامة ومستقر سيء ،وشتان بين الراحة والنعيم وبين النيران الحارقة .
ومن المحتمل أيضاً أن تكون «مستقراً » و«مقاماً » كلاهما لمعنىً واحد ،وتأكيد على دوام عقوبات جهنم ،وهو صحيح في مقابل الجنّة ،حيث نقرأ عنها في آخر هذه الآيات نفسها ( خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً ){[2884]} .