القول في تأويل قوله تعالى:وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)
يقول تعالى ذكره:( وَلَمَّا بَلَغَ) مُوسَى (أشده ) , يعني حان شدة بدنه وقواه, وانتهى ذلك منه، وقد بيَّنا معنى الأشدّ فيما مضى بشواهده, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله:( واستوى ) يقول:تناهي شبابه, وتمّ خلقه واستحكم. وقد اختلف في مبلغ عدد سني الاستواء, فقال بعضهم:يكون ذلك في أربعين سنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال:ثنا عبد الرحمن, قال:ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد, في قوله:( واستوى ) قال:أربعين سنة.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله:( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) قال:ثلاثا وثلاثين سنة.
قوله:( واستوى ) قال:بلغ أربعين سنة.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حدثنا ابن بشار, قال:ثنا عبد الرحمن, قال:ثنا سفيان, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, عن ابن عباس ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) قال:بضعا وثلاثين سنة.
قال:ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) قال:ثلاثا وثلاثين سنة.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة ( أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) قال:أربعين سنة, وأشدّه:ثلاثا وثلاثين سنة.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد في قوله:( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) قال:كان أبي يقول:الأشدّ:الجلَد, والاستواء:أربعون سنة.
وقال بعضهم:يكون ذلك في ثلاثين سنة.
وقوله:( آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) يعني بالحكم:الفهم بالدين والمعرفة.
كما حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) قال:الفقه والعقل والعمل قبل النبوّة.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) قال:الفقه والعمل قبل النبوة.
حدثنا ابن حميد, قال:ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) آتاه الله حكما وعلما:وفقها في دينه ودين آبائه, وعلما بما في دينه وشرائعه وحدوده.
وقوله:( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول تعالى ذكره:كما جزينا موسى على طاعته إيانا وإحسانه بصبره على أمرنا, كذلك نجزي كلّ من أحسن من رسلنا وعبادنا, فصبر على أمرنا وأطاعنا, وانتهى عما نهيناه عنه.