القول في تأويل قوله تعالى:مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)
يقول تعالى ذكره:من كفر بالله فعليه أوزار كفره، وآثام جحوده نِعَمَ ربه، (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا):يقول:ومن أطاع الله، فعمل بما أمره به في الدنيا، وانتهى عما نهاه عنه فيها(فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدونَ) يقول:فلأنفسهم يستعدون، ويسوّون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم، وينجوا من عذابه، كما قال الشاعر:
امْهِـدْ لنفْسِـكَ حـانَ السُّـقْمُ والتَّلَـفُ
وَلا تُضَيِّعَـنَّ نَفْسـا مَـا لَهـا خَـلَفُ (1)
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال:يسوّون المضاجع.
حدثنا ابن المثنى والحسين بن يزيد الطحان وابن وكيع وأبو عبد الرحمن العلائي، قالوا:ثنا يحيى بن سليم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال:في القبر.
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال:ثنا يحيى بن سليم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال:للقبر.
حدثنا نصر بن عليّ، قال:ثنا يحيى بن سليم، قال:ثنا ابن أبي نجيح، قال:سمعت مجاهدا يقول في قوله:(فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) قال:في القبر.
--------------------------
الهوامش:
(1) البيت لسليمان بن يزيد العدوي (مجاز القرآن لأبي عبيدة، الورقة 189 - أ) قال في تفسير قوله تعالى:(فلأنفسهم يمهدون):من (بفتح الميم) يقع على الواحد والاثنين والجميع. ومجازها هنا مجاز الجميع. ويمهد:أي يكسب ويعمل ويستعد. قال سليمان بن يزيد العدوي:امهد لنفسك ..."البيت وحان:قرب. والتلف:الموت. وفي اللسان (مهد) لنفسه يمهد مهدًا (كفتح) كسبب وعمل.