القول في تأويل قوله تعالى:وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)
يقول تعالى ذكره:وأيّ الناس أظلم لنفسه ممن وعظه الله بحججه، وآي كتابه، ورسله، ثم أعرض عن ذلك كله، فلم يتعظ بمواعظه، ولكنه استكبر عنها.
وقوله:(إنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمونَ) يقول:إنا من الذين اكتسبوا الآثام، واجترحوا السيئات منتقمون.
وكان بعضهم يقول:عنى بالمجرمين في هذا الموضع:أهل القدر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال:ثنا مروان بن معاوية، قال:أخبرنا وائل بن داود، عن مروان بن سفيح، عن يزيد بن رفيع، قال:إن قول الله في القرآن (إنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) هم أصحاب القدر، ثم قرأإِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ...إلى قوله:خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ.
حدثنا الحسن بن عرفة، قال:ثنا مروان، قال:أخبرنا وائل بن داود، عن ابن سفيح، عن يزيد بن رفيع بنحوه، إلا أنه قال في حديثه:ثم قرأ وائل بن داود هؤلاء الآياتإِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ...إلى آخر الآيات.
وقال آخرون في ذلك بما حدثني به عمران بن بكار الكلاعي، قال:ثنا محمد بن المبارك، قال:ثنا إسماعيل بن عياش، قال:ثنا عبد العزيز بن عبيد الله، عن عبادة بن نسيّ، عن جنادة بن أبي أُميَّة، عن معاذ بن جبل، قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ثَلاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ أجْرَمَ:مَنِ اعْتَقَدَ لِوَاءً فِي غيرِ حَقّ، أوْ عَقَّ وَالِدَيْهِ، أو مَشَى مَعَ ظالمٍ يَنْصُرُهُ فَقَدْ أجْرَمَ. يَقُولُ اللهُ(إنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) ".