حدثني عليّ, قال:ثنا أبو صالح, قال:ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله:أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِقال:أخبر الله ما العباد قائلوه قبل أن يقولوه, وعملهم قبل أن يعملوه, قال:وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ( أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) ... إلى قوله:( فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) يقول:من المهتدين, فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى, وقالوَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَوقال:وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْكما لم يؤمنوا به أول مرة, قال:ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى, كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
وفي نصب قوله ( فَأَكُونَ ) وجهان، أحدهما:أن يكون نصبه على أنه جواب لو والثاني:على الرد على موضع الكرة, وتوجيه الكرة في المعنى إلى:لو أن لي أن أكر, كما قال الشاعر:
فَمَـا لَـكَ مِنْهَـا غـيرُ ذِكْرَى وَحَسْرَةٍ
وَتَسْـألَ عَـنْ رُكْبانهـا أيْـنَ يَمَّمُـوا? (1)
فنصب تسأل عطفا بها على موضع الذكرى, لأن معنى الكلام:فما لك (2) بيرسل على موضع الوحي في قوله:إِلا وَحْيًا.
-------------------------
الهوامش:
(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 286 من مخطوطة الجامعة ) والشاهد في قوله"وتسأل"إذ يجوز فيه النصب بتقدير"أن"لعطف الفعل على اسم صريح ، مثل قول ميسون بنت بحدل الكلبية زوج معاوية:"لبس عباءة وتقر عيني"أي وأن تقر عيني . ويجوز فيه أن يرفع ، لأنه لم تظهر قبله"أن". قال الفراء:قوله"لو أن لي كرة فأكون من المحسنين":النصب في قوله"فأكون":جواب للو . وإن شئت مردودا على تأويل"أن"تضمرها في الكثرة ، كما يقولون:لو أن أكر فأكون. ومثله مما نصب على إضمار أن قوله"وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ، أو يرسل"المعنى - والله أعلم - ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا . ولو رفع"فيوحي"إذ لم يظهر أن قبله ولا معه ، كان صوابا . وقد قرأ به بعض القراء . وأنشدني بعض القراء:"فما لك منها غير ذكرى وحسرة"البيت . وقال الكسائي:سمعت من العرب:"ما هي إلا ضربة من الأسد ، فيحطم ظهره ، أي برفع الفعل ونصبه". ا هـ .
الخ .
(2) في الكلام سقط من الناسخ ، ولعل الأصل:فما لك غير أن تذكر وتسأل:ونظيره ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل ) فعطف بيرسل ...