القول في تأويل قوله تعالى:رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)
يقول تعالى ذكره مخبرا عن دعاء ملائكته لأهل الإيمان به من عباده, تقول:يا( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ) يعني:بساتين إقامة ( الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ) يعني التي وعدت أهل الإنابة إلى طاعتك أن تدخلهموها( وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) يقول:وأدخل مع هؤلاء الذين تابواوَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَجنات عدن من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم, فعمل بما يرضيك عنه من الأعمال الصالحة في الدنيا, وذكر أنه يدخل مع الرجل أبواه وولده وزوجته الجنة, وإن لم يكونوا عملوا عمله بفضل رحمة الله إياه.
كما حدثنا أبو هشام, قال:ثنا يحيى بن يمان العجلي, قال:ثنا شريك, عن سعيد, قال:يدخل الرجل الجنة, فيقول:أين أبي, أين أمي, أين ولدي, أين زوجتي, فيقال:لم يعملوا مثل عملك, فيقول:كنت أعمل لي ولهم, فيقال:أدخلوهم الجنة; ثم قرأ ( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) .
فمن إذن, إذ كان ذلك معناه, في موضع نصب عطفا على الهاء والميم في قوله ( وَأَدْخِلْهُمْ ) وجائز أن يكون نصبا على العطف على الهاء والميم في وعدتهم ( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) يقول:أنك أنت يا ربنا العزيز في انتقامه من أعدائه, الحكيم في تدبيره خلقه.