القول في تأويل قوله تعالى:وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)
يقول تعالى ذكره:ويقال لهم حينئذ:( وَإِذَا قِيلَ) لَكُمُ (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ) الذي وعد عباده, أنه محييهم من بعد مماتهم, وباعثهم من قبورهم ( حَقٌّ وَالسَّاعَةُ ) التي أخبرهم أنه يقيمها لحشرهم, وجمعهم للحساب والثواب على الطاعة, والعقاب على المعصية, آتية ( لا رَيْبَ فِيهَا ) يقول:لا شكَ فيها, يعني في الساعة, والهاء في قوله ( فِيهَا ) من ذكر الساعة. ومعنى الكلام:والساعة لا ريب في قيامها, فاتقوا الله وآمنوا بالله ورسوله, واعملوا لما ينجيكم من عقاب الله فيها( قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ ) تكذيبا منكم بوعد الله جلّ ثناؤه, وردًا لخبره, وإنكارًا لقُدرته على إحيائكم من بعد مماتكم.
وقوله ( إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا ) يقول:وقلتم ما نظنّ أن الساعة آتية إلا ظنا( وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) أنها جائية, ولا أنها كائنة.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا ) فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة و ( السَّاعَةُ ) رفعا على الابتداء. وقرأتهعامة قرّاء الكوفة "وَالسَّاعَةَ"نصبا عطفا بها على قوله ( إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ).
والصواب من القول في ذلك عندنا, أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار صحيحتا المخرج في العربية متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.