القول في تأويل قوله تعالى:فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)
يقول تعالى ذكره:فلا تضعفوا أيها المؤمنون بالله عن جهاد المشركين وتجبُنوا عن قتالهم. كما حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَلا تَهِنُوا ) قال:لا تضعفوا.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله ( فَلا تَهِنُوا ) لا تضعف أنت.
وقوله ( وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) يقول:لا تضعفوا عنهم وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة, وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم ( وَاللَّهُ مَعَكُمْ ) يقول:والله معكم بالنصر لكم عليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, غير أنهم اختلفوا في معنى قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) فقال بعضهم:معناه:وأنتم أولى بالله منهم. وقال بعضهم:مثل الذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك, وقال معنى قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) أنتم أولى بالله منهم.
حدثني أحمد بن المقدام, قال:ثنا المعتمر, قال:سمعت أبي يحدّث, عن قتادة, في قوله ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) قال:أي لا تكونوا أولى الطائفتين تصرع.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) قال:لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت لصاحبتها, ودعتها إلى الموادعة, وأنتم أولى بالله منهم والله معكم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال:ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) قال:لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت إلى صاحبتها( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) قال:يقول:وأنتم أولى بالله منهم ذكر من قال معنى قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ):أنتم الغالبون الأعزّ منهم.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نحيح, عن مجاهد, قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) قال:الغالبون مثل يوم أُحد, تكون عليهم الدائرة.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, فى قوله ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) قال:هذا منسوخ, قال:نسخه القتال والجهاد, يقول:لا تضعف أنت وتدعوهم أنت إلى السلم وأنت الأعلى, قال:وهذا حين كانت العهود والهدنة فيما بينه وبين المشركين قبل أن يكون القتال, يقول:لا تهن فتضعف, فيرى أنك تدعو. إلى السلم وأنت فوقه, وأعزّ منه ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) أنتم أعزّ منهم, ثم جاء القتال بعد فنسخ هذا أجمع, فأمره بجهادهم والغلظة عليهم. وقد قيل:عنى بقوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) وأنتم الغالبون آخر الأمر, وإن غلبوكم في بعض الأوقات, وقهروكم في بعض الحروب.
وقوله ( فَلا تَهِنُوا ) جزم بالنهي, وفي قوله ( وَتَدْعُوا ) وجهان:أحدهما الجزم على العطف على تهنوا, فيكون معنى الكلام:فلا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم, والآخر النصب على الصرف.
وقوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) يقول:ولن يظلمكم أجور أعمالكم فينقصكم ثوابها, من قولهم:وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا فأخذت له مالا غصبا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله يقول ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) يقول:لن يظلمكم أجور أعمالكم.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) قال:لن ينقصكم.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ):أي لن يظلمكم أعمالكم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال:ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد في قوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) قال:لن يظلمكم, أعمالكم ذلك يتركم.
حُدثت عن الحسين, قال:سمعت أبا معاذ يقول:أخبرنا عبيد, قال:سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) قال:لن يظلمكم أعمالكم.