/م32
المفردات:
فلا تهنوا: فلا تضعفوا عن القتال ،من الوهن وهو الضعف ،وقد وهن الإنسان ووهَّنه غيره .
وتدعوا إلى السلم: وتدعوا الكفار إلى الصلح ،خوفا وإظهارا للعجز .
الأعلون: الغالبون .
والله معكم: ناصركم .
ولن يتركم أعمالكم: لن ينقصكم ثواب أعمالكم ،من وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلا من ولد أو أخ أو حميم ،أو سلبت ماله وذهبت به ،فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر ،وهو إضاعة شيء معتد به من الأنفس والأموال .
التفسير:
35-{فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم} .
الخطاب هنا للمؤمنين ،يرفع الله روحهم المعنوية ،ويحثهم على الجهاد ،ويأخذ بأيديهم إلى منازل العلياء .
والمعنى:
لا تضعفوا ولا تجبنوا ،ولا تخافوا من الجهاد والقتال ،ولا تمدوا أيديكم إلى السلام في وقت يتيه فيه الأعداء المتغطرسون عليكم .
{وأنتم الأعلون ...}
فأنتم في معية الله ،وأنتم حراس دينه ،وأنتم حملة لواء الإيمان ،وأنتم الأمة الوسط ،وأنتم على الحق وعدوكم على الباطل .
{والله معكم ...}
بنصره وتأييده وعنايته ورعايته وتوفيقه ،قال تعالى:{ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} .( محمد: 11 ) .
قال ابن كثير: وفي قوله تعالى:{والله معكم ...} بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء .
{ولن يتركم أعمالكم} .
ولن يضيع ثواب أعمالكم ،ولن يحبطها ،ولن يسلبكم إياها ،بل يوفيكم ثواب أعمالكم كاملا غير منقوص .
والآية تحث المؤمنين على الجهاد والقتال عند القوة والقدرة ،وفي آيات أخرى أباح لهم الموادعة والسلام والمهادنة ،إذا كان ذلك لحكمة أو مناسبة .
قال ابن كثير:
...أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ،ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة ،فله أن يفعل ذلك ،كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده كفار قريش عن مكة ،ودعوه إلى الصلح ،ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين ،فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك10 .