وقوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) يقول:قال لهم:هذا الذي توعدون أيها المتقون, أن تدخلوها وتسكنوها وقوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) يعني:لكل راجع من معصية الله إلى طاعته, تائب من ذنوبه.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم:هو المسبح, وقال بعضهم:هو التائب, وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته, غير أنا نذكر في هذا الموضع ما لم نذكره هنالك.
حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال:ثنا محمد بن الصلت, قال:ثنا أبو كدينة, عن عطاء, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) قال:لكلّ مسبح.
حدثنا ابن حُمَيد, قال:ثنا مهران, عن سفيان, عن مسلم الأعور, عن مجاهد, قال:الأوّاب:المسبح.
حدثنا الحسن بن عرفة, قال:ثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية, قال:ثني أبي, عن الحكم بن عتيبة في قول الله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال:هو الذاكر الله في الخلاء.
حدثنا ابن حميد, قال:ثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن خباب, عن مجاهد ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال:الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ ). قال:ثنا مهران, عن خارجة, عن عيسى الحناط, عن الشعبيّ, قال:هو الذي يذكر ذنوبه في خلاء فيستغفر منها( حَفِيظٍ ):أي مطيع لله كثير الصلاة.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال:الأوّاب:التوّاب الذي يئوب إلى طاعة الله ويرجع إليها.
حدثنا ابن حُمَيد, قال:ثنا جرير, عن منصور, عن يونس بن خباب في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال:الرجل يذكر ذنوبه, فيستغفر الله لها.
وقوله ( حَفِيظٍ ) اختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم:حفظ ذنوبه حتى تاب منها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيد, قال:ثنا مهران, عن أبي سنان, عن أبي إسحاق, عن التميمي, قال:سألت ابن عباس, عن الأوّاب الحفيظ, قال:حفظ ذنوبه حتى رجع عنها.
وقال آخرون:معناه:أنه حفيظ على فرائض الله وما ائتمنه عليه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة ( حَفِيظٍ ) قال:حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال:إن الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأوّاب بأنه حفيظ, ولم يخصّ به على حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع, فالواجب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه, فيقال:هو حفيظ لكلّ ما قرّبه إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت منه للتوبة منها والاستغفار.