ثم اختلف في معنى قوله:( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) فقال أهل التأويل فيه ما حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) فسلام لك من أصحاب اليمين قال:سلام من عند الله، وسلمت عليه ملائكة الله.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد في قوله:( وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) قال:سلم مما يكره.
وأما أهل العربية، فإنهم اختلفوا في ذلك (1) فقال بعض نحوَّيي البصرة ( وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ):أي فيقال سلم لك. وقال بعض نحوَّيي الكوفة:قوله:( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ):أي فذلك مسلم لك أنك من أصحاب اليمين، وألقيت "أن "ونوى معناها، كما تقول:أنت مصدّق مسافر عن قليل، إذا كان قد قال:إني مسافر عن قليل، وكذلك يجب معناه أنك مسافر عن قليل، ومصدّق عن قليل. قال:وقوله:( فَسَلامٌ لَكَ ) معناه:فسلم لك أنت من أصحاب اليَمِين. قال:وقديكون كالدعاء له، كقوله:فسُقيًا لك من الرجال. قال:وإن رفعت السلام فهو دعاء، والله أعلم بصوابه.
وقال آخر منهم قوله:فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَفإنه جمع بين جوابين، ليعلم أن أمَّا جزاء:قال:وأما قوله:( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) قال:وهذا أصل الكلمة مسلم لك هذا، ثم حذفت "أن "وأقيم "مِنْ"مَقامها. قال:وقد قيل:فسلام لك أنت من أصحاب اليَمِين، فهو على ذاك:أي سلام لك، يقال:أنت من أصحاب اليمين، وهذا كله على كلامين.
قال:وقد قيل مسلم:أي كما تقول:فسلام لك من القوم، كما تقول:فسُقيًا لك من القوم، فتكون كلمة واحدة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال:معناه:فسلام لك إنك من أصحاب اليمين، ثم حُذفت واجتزئ بدلالة مِنْ عليها منها، فسلمت من عذاب الله، ومما تكره، لأنك من أصحاب اليمين.