القول في تأويل قوله:وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:وأمرنا أنْ أقيموا الصلاة.
* * *
وإنما قيل:"وأن أقيموا الصلاة "، فعطف ب "أن "على "اللام "منلِنُسْلِمَ، لأن قوله:لِنُسْلِمَمعناه:أن نسلم, فردّ قوله:"وأن أقيموا "على معنى:لِنُسْلِمَ, إذ كانت "اللام "التي في قوله:لِنُسْلِمَ, لامًا لا تصحب إلا المستقبل من الأفعال, وكانت "أن "من الحروف التي تدل على الاستقبال دلالة "اللام "التي فيلِنُسْلِمَ, فعطف بها عليها، لاتفاق معنيهما فيما ذكرت.
ف "أن "في موضع نصب بالردّ على اللام. (31)
* * *
وكان بعض نحويِّي البصرة يقول:إما أن يكون ذلك،"أمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة ",يقول:أمرنا كي نسلم, كما قال:وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(32) [سورة يونس:104] ، أي:إنما أمرت بذلك. (33) ثم قال:"وأن أقيموا الصلاة واتقوه "، أي:أمرنا أن أقيموا الصلاة = أو يكون أوصل الفعل باللام, والمعنى:أمرت أن أكون, كما أوصل الفعل باللام في قوله:هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ، [سورة الأعراف:154].
* * *
فتأويل الكلام:وأمرنا بإقامة الصلاة, وذلك أداؤها بحدودها التي فرضت علينا (34) ="واتقوه "، يقول:واتقوا رب العالمين الذي أمرنا أن نسلم له, فخافوه واحذروا سَخطه، بأداء الصلاة المفروضة عليكم، والإذعان له بالطاعة، وإخلاص العبادة له ="وهو الذي إليه تحشرون "، يقول:وربكم رب العالمين، هو الذي إليه تحشرون فتجمعون يوم القيامة, (35) فيجازي كلَّ عامل منكم بعمله, وتوفي كل نفس ما كسبت.
---------------------
الهوامش:
(31) انظر معاني القرآن للفراء 1:339.
(32) في المطبوعة والمخطوطة:"وأمرت لأن أكون من المؤمنين"، وهذه ليست آية في كتاب الله ، بل الآية هي التي ذكرت ، وهي حق الاستدلال في هذا الموضع.
(33) في المطبوعة والمخطوطة:"إنما أمرت لذلك"، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت.
(34) انظر تفسير"إقامة الصلاة"فيما سلف من فهارس اللغة (قوم) (صلا).
(35) انظر تفسير"الحشر"فيما سلف ص:373 تعليق:2 ، والمراجع هناك.