وقوله:(فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) اختلف أهل التأويل في الذي عُني بالصريم، فقال بعضهم:عني به الليل الأسود، وقال بعضهم:معنى ذلك:فأصبحت جنّتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال:ثنا عبد الرزاق، قال:ثنا هشيم، قال:أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من كلب يقال له:سليمان عن ابن عباس، في قوله:(فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) قال:الصَّرِيم:الليل.
قال:وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه الله.
ألا بَكَـــرَتْ وَعـــاذِلَتِني تَلُــومُ
تُهَجِّــدُنِي وَمــا انْكَشَـفَ الصَّـرِيمُ (4)
وقال أيضا:
تَطــاوَلَ لَيْلُــكَ الجَــوْنُ البهِيـمُ
فَمَــا يَنْجـاب عَـنْ صُبْـحٍ صـريم
إذَا مــا قُلْــتَ أقْشَــعَ أوْ تَنَـاهَى
جَــرَتْ مِــنْ كُـلِّ ناحِيَـةٍ غُيُـومُ (5)
وقال آخرون:بل معنى ذلك:فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا الاسم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، قال:أخبرني نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جُبير يقول:هي أرض باليمن يقال لها ضَرْوان من صنعاء على ستة أميال.
--------------------
الهوامش:
(4)نسب المؤلف البيت إلى أبي عمرو بن العلاء. ولعله يريد أنه مما أنشده أبو عمرو يقول:استيقظت هذه المرأة قبل أن ينكشف الليل عن الصبح، توقظني حين هبت عاذلتي تلومني. قال في اللسان:هجد. قال ابن بزرج:أهجدت الرجل:أنمته، وهجدته بالتشديد:أيقظته. والصريم:الليل. وقال الفراء في معاني القرآن (339) فأصبحت كالصريم:أي احترقت، فصارت سوداء مثل الليل المسود. ا هـ وفي اللسان (صرم) عن ثعلب، فأصبحت كالصريم:أي احترقت فصارت سوداء مثل الليل. ا هـ . ويقال:كالشيء المصروم، الذي ذهب ما فيه،. وقيل:الصريم:أرض سوداء لا تنبت شيئا. وقال الجوهري:أي احترقت واسودت.
(5) أنشد اللسان:(صرم) البيت الأول من هذا الشاهد، وقال:قال ابن بري:وأنشد أبو عمرو:"تطاول ليلك.."البيت، فالبيتان إذن ليسا لأبي عمرو، وإنما هو أنشدهما، وكذلك بيت الشاهد الذي قبلهما. والجون:الأسود، والبهيم:الخالص السواد، لا بياض فيه. وينجاب:ينكشف ويزول. وصريم:أي ليل. وأقشع:زال. وتناهى:انتهى. وهذا الشاهد في معنى الشاهد الذي قبله، وهو أن الصريم بمعنى:الليل الشديد السواد.