وقوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ) يقول تعالى ذكره:كان هؤلاء الأبرار يطعمون الطعام على حبهم إياه، وشهوتهم له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي، قال:ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد، في قوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) قال:وهم يشتهونه.
&; 24-97 &;
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا يحيى بن واضح، قال:ثنا أبو العريان، قال:سألت سليمان بن قيس أبا مقاتل بن سليمان، عن قوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ) قال:على حبهم للطعام.
وقوله:( مِسْكينًا ) يعني جلّ ثناؤه بقوله مسكينا:ذوي الحاجة الذين قد أذلتهم الحاجة، ( ويَتِيمًا ) وهو الطفل الذي قد مات أبوه ولا شيء له ( وأسِيرًا ):وهو الحربيّ من أهل دار الحرب يُؤخذ قهرا بالغلبة، أو من أهل القبلة يُؤخذ فيُحبس بحقّ، فأثنى الله على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء تقرّبا بذلك إلى الله وطلب رضاه، ورحمة منهم لهم.
واختلف أهل العلم في الأسير الذي ذكره الله في هذا الموضع، فقال بعضهم:بما حدثنا به بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) قال:لقد أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وأسِيرًا ) قال:كان أسراهم يومئذ المشرك، وأخوك المسلم أحقّ أن تطعمه.
قال:ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي عمرو أن عكرِمة قال في قوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) زعم أنه قال:كان الأسرى في ذلك الزمان المشرك.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا حماد بن مسعدة، قال:ثنا أشعث، عن الحسن ( وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) قال:ما كان أسراهم إلا المشركين.
وقال آخرون:عني بذلك:المسجون من أهل القبلة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا عبد الرحمن، قال:ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال:الأسير:المسجون.
حدثني أبو شيبة بن أبي شيبة، قال:ثنا عمر بن حفص، قال:ثني أبي عن حجاج، قال:ثني عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبير في قوله الله:( مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) من أهل القبلة وغيرهم، فسألت عطاء، فقال مثل ذلك.
حدثني علي بن سهل الرملي، قال:ثنا يحيى - يعني:ابن عيسى - عن سفيان، &; 24-98 &; عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وأسِيرًا ) قال:الأسير،:هو المحبوس.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
والصواب من القول في ذلك أن يقال:إن الله وصف هؤلاء الأبرار بأنهم كانوا في الدنيا يطعمون الأسير، والأسير الذي قد وصفت صفته؛ واسم الأسير قد يشتمل على الفريقين، وقد عمّ الخبر عنهم أنهم يطعمونهم فالخبر على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له. وأما قول من قال:لم يكن لهم أسير يومئذ إلا أهل الشرك، فإن ذلك وإن كان كذلك، فلم يخصص بالخبر الموفون بالنذر يومئذ، وإنما هو خبر من الله عن كلّ من كانت هذه صفته يومئذ وبعده إلى يوم القيامة، وكذلك الأسير معنيّ به أسير المشركين والمسلمين يومئذ، وبعد ذلك إلى قيام الساعة.