وقوله:( ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) يقول:ثم قَبَضَ رُوحه، فأماته بعد ذلك. يعني بقوله:( أَقْبَرَهُ ) صيره ذا قبر، والقابر:هو الدافن الميت بيده، كما قال الأعشى:
لَــوْ أسْــنَدَتْ مَيْتـا إلـى نَحْرِهـا
عــاشَ وَلــمْ يُنْقَــلْ إلـى قـابِرِ (3)
والمقبر:هو الله، الذي أمر عباده أن يقبروه بعد وفاته، فصيره ذا قبر. والعرب تقول فيما ذُكر لي:بترت ذنَب البعير، والله أبتره، وعضبت قَرنَ الثور، والله أعضبه؛ وطردت عني فلانا، والله أطرده، صيره طريدا.
--------------------
الهوامش:
(3) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة 139 ) من قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة ، ويمدح عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما . وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 185 ) قال:فأقبره:"أمر بأن يقبر ... "والذي يدفن بيده هو القابر ، قال الأعشى:"لو أسندت ... "البيت. ا هـ وفي ( اللسان:قبر ) وقبره يقبره ويقبره ( كيحفر ويدخل ):دفنه . وأقبره:جعل له قبرا ، وأقبر:إذا أمر إنسانا بحفر قبر . قال أبو عبيدة:قالت بنو تميم للحجاج ، وكان قتل صالح بن عبد الرحمن أقبرنا صالحا ؛ أي:ائذن لنا في أن نقبره ، فقال لهم:دونكموه . وقال الفراء في قوله تعالى:{ ثم أماته فأقبره} "أي:جعله مقبورا ، ممن يقبر ، ولم يجعله ممن يلقي للطير والسباع "ولا ممن يلقى في النواويس ، كأن القبر مما أكرم به المسلم . ا هـ .