وقوله:( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) ؟ يقول تعالى ذكره:فأين تذهبون عن هذا القرآن وتعدلون عنه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) يقول:فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي . وقيل:( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) ولم يقل:فإلى أين تذهبون، كما يقال:ذهبت الشأم وذهبت السوق. وحُكي عن العرب سماعا:انطلق به الغَوْرَ، على معنى إلغاء الصفة، وقد ينشد لبعض بني عُقَيل:
تَصِيــحُ بِنــا حَنِيفــةُ إذْ رأتْنــا
وأيَّ الأرْضِ تَـــذْهَبُ للصَّيـــاح (12)
بمعنى:إلى أيّ الأرض تذهب واستجيز إلغاء الصفة في ذلك للاستعمال.
-------------------
الهوامش:
(12) البيت لبعض بني عقيل . قال الفراء في معاني القرآن ( 360 ) وقوله:{ فأين تذهبون} العرب تقول:إلى أين تذهب ؟ وأين تذهب ؟ ويقولون:ذهبت الشام ، وذهبت السوق ، وانطلقت الشام ، وانطلقت السوق ، وخرجت الشام . سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة:خرجت ، وانطلقت ، وذهبت . وقال الكسائي:سمعت العرب تقول:انظلقت به الغور ، فتنصب على معنى إلقاء الصفة ( حرف الجر عند الكوفيين ) ، وأنشدني بعض بني عقيل:"تصيح بنا حنيفة ... "البيت . يريد إلى أي الأرض تذهب ؟ واستجازوا في هؤلاء الأحرف إلقاء "إلى "لكثرة استعمالهم إياها . قلت:النحويون منعوا نصب اسم المكان على الظرفية ، إذا كان خاصا ( له صورة وحدود محصورة ، وأوجبوا الجر فيه بحرف الجر ، واستثنوا هذه الأحرف التي ذكرها الفراء إذ ورد السماع بها عن العرب بدون حرف الجر ) . وهو كما قال