حدثني يونس. قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله:( مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) قال:بلغنا أنها عين تخرج من تحت العرش، وهي مزاج هذه الخمر، يعني مزاج الرحيق.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( مِنْ تَسْنِيمٍ ) شراب اسمه تسنيم وهو من أشرف الشراب. فتأويل الكلام:ومزاج الرحيق من عين تُسَنَّم عليهم من فوقهم، فتنصبّ عليهم ( يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) من الله صرفا، وتمزج لأهل الجنة.
واختلفت أهل العربية في وجه نصب قوله:( عَيْنًا ) قال بعض نحويي البصرة:إن شئت جعلت نصبه على يسقون عينا، وإن شئت جعلته مدحا، فيقطع من أوّل الكلام، فكأنك تقول:أعني:عينا.
وقال بعض نحويي الكوفة:نصب العين على وجهين:أحدهما:أن ينوي من تسنيم عَيْن، فإذا نوَّنت نصبت، كما قال:أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًاوكما قال:أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً. والوجه الآخر:أن ينوي من ماء سُنِّم عينًا، كقولك:رفع عينا يشرب بها. قال:وإن لم يكن التسنيم اسما للماء فالعين نكرة، والتسنيم معرفة، وإن كان اسمًا للماء فالعين نكرة (9) فخرجت نصبا. وقال آخر من البصريين:( مِنْ تَسْنِيمٍ ) معرفة، ثم قال:( عَيْنا ) فجاءت نكرة، فنصبتها صفة لها. وقال آخر نُصبت بمعنى:من ماء يَتَسَنَّم عينا.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن التسنيم اسم معرفة والعين نكرة، فنصبت لذلك إذ كانت صفة له.
وإنما قلنا:ذلك هو الصواب لما قد قدّمنا من الرواية عن أهل التأويل، أن التسنيم هو العين، فكان معلومًا بذلك أن العين إذ كانت منصوبة وهي نكرة، وأن التسنيم معرفة.
------------------------
الهوامش:
(9) عبارة الفراء:وإن لم يكن التسنيم اسما للماء ، فالعين نكرة والتسنيم معرفة إن كان اسما للماء والعين إلخ .