ولكن حلم إبراهيم وإنابته ... لم يرد قضاء الله العادل في شأن قوم لوط ولذا قالت الملائكة
له- كما حكى القرآن عنهم-:يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا، إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ، وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.
أى:قالت الملائكة لإبراهيم:يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال في أمر قوم لوط، وفي طلب إمهال عقوبتهم إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ بإهلاكهم وَإِنَّهُمْ بسبب إصرارهم على ارتكاب الفواحش آتِيهِمْ من ربهم عَذابٌ شديد غَيْرُ مَرْدُودٍ عنهم لا بسبب الجدال ولا بأى سبب سواه، فإن قضاء الله لا يرد عن القوم المجرمين. هذا، وقد ذكر الشيخ القاسمى بعض الفوائد والأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآيات فقال:قال بعض المفسرين:لهذه الآيات ثمرات وفوائد.
منها:أن حصول الولد المخصص بالفضل نعمة، وأن هلاك العاصي نعمة- أيضا- لأن البشرى قد فسرت بولادة إسحاق لقوله فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وفسرت بهلاك قوم لوط، لقوله:قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ.
ومنها:استحباب نزول المبشر- بالكسر- على المبشر- بالفتح- لأن الملائكة أرسلهم الله- تعالى- لذلك.
ومنها:أنه يستحب للمبشر أن يتلقى البشارة بالشكر لله- تعالى- على ما بشر به. فقد حكى عن الأصم أنه قال:جاءوه في أرض يعمل فيها، فلما فرغ غرز مسحاته، وصلى ركعتين.
ومنها:أن السلام مشروع، وأنه ينبغي أن يكون الرد أفضل لقول إبراهيم سَلامٌ بالرفع وهو أدل على الثبات والدوام.
ومنها:مشروعية الضيافة، والمبادرة إليها، واستحباب مبادرة الضيف بالأكل منها.
ومنها:استحباب خدمة الضيف ولو للمرأة، لقول مجاهد:وامرأته قائمة أى في خدمة أضياف إبراهيم ... وخدمة الضيفان من مكارم الأخلاق.
ومنها:جواز مراجعة الأجانب في القول، وأن صوتها ليس بعورة.
ومنها:أن امرأة الرجل من أهل بيته، فيكون أزواجه صلى الله عليه وسلم من أهل بيته:
ومنها:- كما يقول الإمام ابن كثير- استدل على أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق، وأنه يمتنع أن يكون هو إسحاق، لأنه وقعت البشارة به، وأنه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده، ووعد الله حق لا خلف فيه، فيمتنع أن يؤمر بذبح إسحاق والحالة هذه، فتعين أن يكون الذبيح إسماعيل، وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه: ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عما دار بين لوط وبين الملائكة وبينه وبين قومه من حوار وجدال فقال- تعالى-: