ولم يكن إبراهيم يعرف حدود المسألة ووصولها إلى الحسم الذي لا مردّ له ،لأن القوم لم يتركوا أيّ مجال للرحمة ،فقد استنفد لوط معهم كل الوسائل دون جدوى ،فازدادوا تمرّداً وطغياناً ،ولذلك أعلن الله له على لسان ملائكته المنزلين:{يا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَآ} ولا ترهق نفسك بالتفكير أو التدخل فيه ،{إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ} الذي لا مردّ له ،{وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} فلا مدفع له ،ولا مجال معه ،لجدال مجادلٍ ،أو شفاعة شافع .وسكت إبراهيم ،لأنه لا يريد إلا ما يريده الله ،فما دام الله قد أراد عذابهم ،فليكن ذلك عن رضى وقناعة وإيمان .