ثم بين- سبحانه- صفتهم الرابعة فقال:وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ.
قرأ القراء السبعة يُؤْتُونَ ما آتَوْا بالمد، على أنه من الإتيان بمعنى الإعطاء، والوجل:استشعار الخوف. يقال:وجل فلان وجلا فهو واجل، إذا خاف، أى:يعطون ما يعطون من الصدقات وغيرها من ألوان البر، ومع ذلك فإن قلوبهم خائفة أن لا يقبل منهم هذا العطاء، لأى سبب من الأسباب فهم كما قال بعض الصالحين:لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم، أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه:أى:يعطون العطاء وهم خائفون أن لا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط.
كما روى الإمام أحمد عن عائشة أنها قالت:«يا رسول الله الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ هو الذي يسرق ويزنى ويشرب الخمر، وهو يخاف الله- عز وجل-؟
قال:«لا يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصلى ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله- تعالى-» .
ثم قال- رحمه الله- وقد قرأ آخرون:والذين يأتون ما أتوا.. من الإتيان.
أى:يفعلون ما فعلوا وهم خائفون ...