ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر حكمته وقدرته وتدبيره لأمر موسى كي يعود إلى أمه، فقال- تعالى-. وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ....
والمراد بالتحريم هنا:المنع، والمراضع:جمع مرضع- بضم الميم وكسر الضاد- وهي المرأة التي ترضع.
أى:ومنعنا موسى بقدرتنا وحكمتنا من أن يرضع من المرضعات وكان ذلك من قبل أن تعلم بخبره أمه وأخته.
قال ابن كثير:قوله- تعالى-:وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ أى:تحريما قدريا، وذلك لكرامة الله له، صانه عن أن يرتضع غير ثدي أمه، لأنه- سبحانه- جعل ذلك سببا إلى رجوعه إلى أمه، لترضعه وهي آمنة بعد أن كانت خائفة.. .
وقوله- سبحانه-:فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ حكاية لما قالته أخت موسى لفرعون وحاشيته، والاستفهام للتحضيض.
أى:وبعد أن بصرت أخت موسى به عن جنب، ورأت رفضه للمراضع، وبحثهم عمن يرضعه، قالت:هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ أى:يقومون بتربيته وإرضاعه من أجل راحتكم وراحته، وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ أى:وهم لا يمنعونه ما ينفعه في تربيته وغذائه، ولا يقصرون فيما يعود عليه بالخير والعافية.