وقوله- تعالى-:الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ دليل آخر على إمكانية البعث وهو بدل من قوله- تعالى- قبل ذلك:الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ....
والمراد بالشجر الأخضر:الشجر النّدى الرطب، كشجر المرخ والعفار وهما نباتان أخضران إذا ضرب أحدهما بالآخر اتقدت منهما شرارة نار بقدرة الله- تعالى-.
قال ابن كثير المراد بذلك سرح- أى:شجر المرخ والعفار. ينبت بأرض الحجاز فيأتى من أراد قدح نار وليس معه زناد، فيأخذ منه عودين أخضرين، ويقدح أحدهما بالآخر، فتتولد النار من بينهما، كالزناد سواء سواء.
روى هذا عن ابن عباس- رضى الله عنهما- وفي المثل:«لكل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار» .
أى:لكل شجر حظ من النار، ولكن أكثر الأشجار حظا من النار:المرخ والعفار. فهو مثل يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض.
أى:قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المنكرين للبعث، يحيى الأجساد البالية الله- تعالى- الذي أنشأها أول مرة، والذي جعل لكم- بفضله ورحمته وقدرته- من الشجر الأخضر الرطب نارا، فإذا أنتم من هذا الشجر الأخضر توقدون النار. وتنتفعون بها في كثير من أحوال حياتكم.
وإذا فمن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر- مع ما فيه من المائية المضادة لها- كان أقدر على إعادة الأجساد بعد فنائها.