{الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ} وهذا تقريبٌ حسّيٌ للفكرة المعنوية التي تسيطر على أذهانهم في استبعاد انطلاق الحياة من قلب الواقع المادي للموت في مسألة البعث ،لأن الحياة والموت حقيقتان متضادتان ،فهذا المثل يصوّر خروج النار من قلب الشجر الأخضر الذي يقطر ماءً ،والمراد منهكما جاء في مجمع البيان«المرخ والعفار ،وهما شجرتان يتخذ الأعراب زنودها منهما »[ 1] .وتقول العرب: في كل شجر نار واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَار ،أي استفضلا واستكثرا من النار ،كأنهما أخذا من النار ما هو حسبهما فصلحا للاقتداح بهما ،فيجعل العفار زنداً أسفل ويجعل المرخ زنداً أعلى ،فيسحق الأعلى على الأسفل فتنقدح النار بإذن الله ،وبذلك تبرز الفكرة في نطاق القدرة ،فإذا كان الله قادراً على أن يجعل النار من قلب الشجرة الخضراء ،فهو قادر على أن يجعل الميّت حيّاً ،لأن مشاكل التفاعل بينهما تتحدى قدرة الإنسان ولا تتحدى قدرة الله سبحانه .