ثم حكى- سبحانه- ما يقوله هؤلاء الكافرون لجوارحهم على سبيل التوبيخ والتعجيب فقال:وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا ...
أى:وقال هؤلاء الكافرون لجلودهم التي تشمل جميع جوارحهم بتعجب وذهول:لماذا شهدتم علينا مع أننا ما دافعنا إلا عنكم. لكي ننقذكم من النار؟.
وهنا ترد عليهم جوارحهم بقولها- كما حكى سبحانه عنها- قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ...
أى:قالوا في الرد عليهم:أنطقنا الله- تعالى- الذي أنطق كل شيء بقدرته التي لا يعجزها شيء وَهُوَ- سبحانه- الذي خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ولم تكونوا شيئا مذكورا.
وَإِلَيْهِ وحده تُرْجَعُونَ فيحاسبكم على أعمالكم، ويحكم فيكم بحكمه العادل.
وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عددا من الأحاديث، منها ما جاء عن أنس ابن مالك- رضى الله عنه- قال:ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسم فقال:«ألا تسألون عن أى شيء ضحكت» ؟ قالوا:يا رسول الله، من أى شيء ضحكت؟ قال:
«عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول:أى ربي، أليس قد وعدتني أن لا تظلمني؟
قال:بلى. فيقول:فإنى لا أقبل على شاهدا إلا من نفسي. فيقول الله- تعالى-:أو ليس كفى بي شهيدا. وبالملائكة الكرام الكاتبين؟ قال:فيردد هذا الكلام مرارا قال:فيختم على فيه، وتتكلم أركانه بما كان يعمل. فيقول:بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أجادل».
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-:الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ، وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ، بِما كانُوا يَكْسِبُونَ .