( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا ) أي:لاموا أعضاءهم وجلودهم حين شهدوا عليهم ، فعند ذلك أجابتهم الأعضاء:( قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة ) أي:فهو لا يخالف ولا يمانع ، وإليه ترجعون .
قال الحافظ أبو بكر البزار:حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا شريك ، عن عبيد المكتب ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وتبسم ، فقال:"ألا تسألوني عن أي شيء ضحكت ؟ "قالوا:يا رسول الله من أي شيء ضحكت ؟ قال:"عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول:أي ربي ، أليس وعدتني ألا تظلمني ؟ قال:بلى فيقول:فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي . فيقول الله تبارك وتعالى:أو ليس كفى بي شهيدا ، وبالملائكة الكرام الكاتبين ؟ ! قال:فيردد هذا الكلام مرارا ". قال:"فيختم على فيه ، وتتكلم أركانه بما كان يعمل ، فيقول:بعدا لكن وسحقا ، عنكن كنت أجادل ".
ثم رواه هو وابن أبي حاتم ، من حديث أبي عامر الأسدي ، عن الثوري ، عن عبيد المكتب ، عن فضيل بن عمرو ، عن الشعبي ثم قال:"لا نعلم رواه عن أنس غير الشعبي ". وقد أخرجه مسلم والنسائي جميعا عن أبي بكر بن أبي النضر ، عن أبي النضر ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي ، عن الثوري به . ثم قال النسائي:"لا أعلم أحدا رواه عن الثوري غير الأشجعي ". وليس كما قال كما رأيت ، والله أعلم .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إسماعيل ابن علية ، عن يونس بن عبيد ، عن حميد بن هلال قال:قال أبو بردة:قال أبو موسى:ويدعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض عليه ربه - عز وجل - عمله ، فيجحد ويقول:أي رب ، وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل ! فيقول له الملك:أما عملت كذا ، في يوم كذا ، في مكان كذا ؟ فيقول:لا وعزتك ، أي رب ما عملته . [ قال] فإذا فعل ذلك ختم على فيه - قال الأشعري:فإني لأحسب أول ما ينطق منه فخذه اليمنى .
وقال الحافظ أبو يعلى:حدثنا زهير حدثنا حسن ، عن ابن لهيعة:قال دراج عن أبي الهيثم عن أبى سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله ، فجحد وخاصم ، فيقال:هؤلاء جيرانك ، يشهدون عليك ؟ فيقول:كذبوا . فيقول:أهلك [ و] عشيرتك ؟ فيقول:كذبوا . فيقول:احلفوا فيحلفون ، ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم ألسنتهم ، ويدخلهم النار ".
وقال ابن أبي حاتم:وحدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث:سمعت أبي:حدثنا علي بن زيد ، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى ، عن ابن عباس:أنه قال لابن الأزرق:إن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم ، ثم يؤذن لهم فيختصمون ، فيجحد الجاحد بشركه بالله ، فيحلفون له كما يحلفون لكم ، فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهداء من أنفسهم ، جلودهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم ، ويختم على أفواههم ، ثم يفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح ، فتقول:( أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) فتقر الألسنة بعد الجحود .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير الحضرمي ، عن رافع أبي الحسن - وصف رجلا جحد - قال:فيشير الله إلى لسانه ، فيربو في فمه حتى يملأه ، فلا يستطيع أن ينطق بكلمة ، ثم يقول لآرابه كلها:تكلمي واشهدي عليه . فيشهد عليه سمعه وبصره وجلده ، وفرجه ويداه ورجلاه:صنعنا ، عملنا ، فعلنا .
وقد تقدم أحاديث كثيرة ، وآثار عند قوله تعالى في سورة يس:( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) [ يس:65] ، بما أغنى عن إعادته هاهنا .
وقال ابن أبي حاتم - رحمه الله -:حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، عن ابن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال:لما رجعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرة البحر قال:"ألا تحدثون بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة ؟ "فقال فتية منهم:بلى يا رسول الله ، بينا نحن جلوس إذ مرت علينا عجوز من عجائز رهابينهم ، تحمل على رأسها قلة من ماء ، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ، ثم دفعها فخرت على ركبتيها ، فانكسرت قلتها . فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت:سوف تعلم يا غدر ، إذا وضع الله الكرسي ، وجمع الأولين والآخرين ، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون ، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا ؟ قال:يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"صدقت [ و] صدقت ، كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم ؟ ".
هذا حديث غريب من هذا الوجه . ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال:أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال:أخبرنا يحيى بن سليم ، به