وأما «مناة» فكانت صخرة ضخمة، بمكان يقال له المشلل، بين مكة والمدينة، وكانت قبيلة خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة.
قالوا:وسميت بهذا الاسم، لأن دماء الذبائح كانت تمنى عندها، أى:تراق وتسكب.
والمعنى:لقد ذكرنا لكم- أيها المشركون- ما يدل على وحدانيتنا، وكمال قدرتنا. وسمو منزلة نبينا صلى الله عليه وسلم.. فأخبرونى بعد ذلك ما شأن هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، كاللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. إنها أشياء في غاية الحقارة والعجز، فكيف سويتم بينها وبين الخالق- عز وجل- في العبادة، وكيف أبحتم لأنفسكم تعظيمها، وزعمتم أنها بنات الله ... ؟.
فالمقصود بالاستفهام التعجيب من أحوالهم، والتجهيل لعقولهم.
ويصح أن تكون الرؤية في قوله- سبحانه- أَفَرَأَيْتُمُ بصرية، فلا تحتاج إلا لمفعول واحد. أى:انظروا بأعينكم إلى تلك الأصنام، التي من أشهرها:اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، أترونها تملك الدفاع عن نفسها فضلا عن غيرها؟ إنها لا تملك شيئا، فكيف عظمتموها مع حقارتها وعجزها؟.
والاستفهام- أيضا- للتهكم بهم، والتعجيب من تفكيرهم السقيم.
قال الآلوسى:والظاهر أن «الثالثة الأخرى» صفتان لمناة. وهما على ما قيل للتأكيد ...
وقال بعض الأجلة:الثالثة للتأكيد. والْأُخْرى للذم بأنها متأخرة في الرتبة، وضيعة المقدار ...
والكلام خطاب لعبدة هذه المذكورات، وقد كانوا مع عبادتهم لها يقولون:إن الملائكة- عليهم السلام- وتلك المعبودات الباطلة، بنات الله. - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فقيل لهم توبيخا وتبكيتا:أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى.... إلخ .