ثم يحكى- سبحانه- صورة أخرى من فجورهم فقال:وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ، فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ، فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ.
والمراودة:مقابلة، من راد فلان يرود، إذا جاء وذهب، لكي يصل إلى ما يريده من غيره عن طريق المحايلة والمخادعة.
والمراد بضيفه ضيوفه من الملائكة الذين جاءوا إلى لوط- عليه السلام- لإخباره بإهلاك قومه، وبأن موعدهم الصبح ... أى:والله لقد حاول هؤلاء الكفرة الفجرة المرة بعد المرة، مع لوط- عليه السلام- أن يمكنهم من فعل الفاحشة مع ضيوفه ...
فكانت نتيجة محاولاتهم القبيحة أن فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ أى حجبناها عن النظر، فصاروا لا يرون شيئا أمامهم.
قال القرطبي:يروى أن جبريل- عليه السلام- ضربهم بجناحه فعموا، وقيل:صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شق. كما تطمس الريح الأعلام بما تسفى عليها من التراب.
وقيل:طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل.
وعدى- سبحانه- فعل المراودة بعن. لتضمينه معنى الإبعاد والدفع. أى:حاولوا دفعه عن ضيوفه، ليتمكنوا منهم.
وأسند المراودة إليهم جميعا:لرضاهم عنها، بقطع النظر عمن قام بها.
وقوله:فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ مقول لقول محذوف، أى طمسنا أعينهم وقلنا لهم:
ذوقوا عذابي الشديد الذي سينزل بكم، بسبب تكذيبكم لرسولي، واستخفافكم بما وجه إليكم من تخويف وإنذار.
والمراد من هذا الأمر:الخبر. أى:فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط- عليه السلام-.