قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أى:قال هود لقومه بعد أن لجوا في طغيانهم:قد حق ووجب عليكم من قبل ربكم عذاب وسخط بسبب إصراركم على الكفر والعناد.
والرجس والرجز بمعنى، وأصل معناه الاضطراب يقال:رجست السماء أى:رعدت رعدا شديدا، وهم في مرجوسة من أمرهم أى:في اختلاط والتباس. ثم شاع في العذاب لاضطراب من حل به.
وعبر عن العذاب المتوقع وقوعه بأنه قَدْ وَقَعَ مبالغة في تحقيق الوقوع، وأنه أمر لا مفر لهم منه.
وعطف الغضب على الرجس، للإشارة إلى ما سينزل بهم من عذاب هو انتقام لا يمكن دفعه، لأنه صادر من الله الذي غضب عليهم بسبب كفرهم، وبعد أن أنذرهم هددهم بوقوع العذاب عليهم، ووبخهم على مجادلتهم إياه بدون علم فقال:أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ؟
أى:أتجادلوني وتخاصمونى في شأن أشياء ما هي إلا أسماء ليس تحتها مسميات، لأنكم تسمونها آلهة مع أن معنى الإلهية فيها معدوم ومحال وجوده إذ المستحق للعبادة إنما هو الله الذي خلق كل شيء، أما هذه الأصنام التي زعمتم أنها آلهة فهي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا.
فأنت ترى أن هودا- عليه السلام- قد حول آلهتهم إلى مجرد أسماء لا تبلغ أن تكون شيئا وراء الاسم الذي يطلق عليها، وهذا أعمق في الإنكار عليهم، والاستهزاء بعقولهم.
وقوله:ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أى:ما نزل الله بها من حجة أو دليل يؤيد زعمكم في ألوهيتها أو في كونها شفعاء لكم عند الله، وإنما هي أصنام باطلة قلدتم آباءكم في عبادتها بدون علم أو تفكير.
ثم هدد بالعاقبة المقررة المحتومة فقال:فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ أى:فانتظروا نزول العذاب الذي استعجلتموه وطلبتموه حين قلتم فَأْتِنا بِما تَعِدُنا فإنى معكم من المنتظرين لما سيحل بكم بسبب شرككم وتكذيبكم.