{رِجْسٌ}: عذاب ،وقيل الرجس: الرجز .
{قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ} الرجس هو الخبث والقذر ؛وربما كان هذا كنايةً عمّا يوقعه الله عليهم من العذاب المتمثل بما يلقيه عليهم من مظاهر العقاب الدنيويّ ،الذي يؤثِّر سلبياً على نفس الإنسان ،تماماً كما هو القذر الذي يصيب الجسد .أمَّا الغضب ،فهو سخط الله المستتبع لعذاب النار ،فقد حقَّ عليكم القول بعد أن أقام الله عليكم الحجة ،وتمردتم عليها .{أَتُجَادِلُونَنِي فِى أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤكُمُ} ؟ماذا تمثل هذه الأصنام غير ما تمثله الأشياء التي صنعتموها منها ،من الحجر والخشب والنحاس ؟ماذا لديها من معاني الحياة والعلم والقدرة والخلق التي لا بد من توفرها في ذات الإله ؟ليس لها أية ميزةٍ إلهيةٍ أو غير إلهية ،سوى أنكم أطلقتم عليها أو أطلق عليها آباؤكم أسماءً ،وتحوّلت الأسماء إلى حقائق نفسيةٍ وعباديةٍ واجتماعيةٍ ،يجادل فيها المجادلون ويتخاصم فيها المتخاصمون ،فإذا أردتم الجدال المنتج ،فجادلوا بالأشياء التي تحمل معنى حقيقياً في ذاتها وتأثيرها في الواقع ،لا في هذه الأشياء التي صنعتموها بأيديكم ومنحتموها صفة الألوهية التي{مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ} من عقلٍ أو شرعٍ ،فهي لا تمثل أيّة حقيقةٍ مقبولةٍ في أي مجالٍ .
{فَانتَظِرُواْ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} فليست مسألة العذاب الذي أنذرتكم به ،مما أملك أمر تنفيذه ،لأواجه التحدّي الذي طرحتموه علي ،لأنني لا أملك قوةً ذاتيةً في حجم القضايا الكونيّة ،في ما ينزل من عذابٍ على الكافرين مما يخرج عن القوانين العادية للحياة ،فذلك مما اختصّ به الله ،فهو القادر على أن يرسل عذابه ،بالقدرة نفسها التي يرسل بها رحمته .وما دام الله قد توعدكم بالعذاب ،فانتظروا عذابه الذي سيأتيكم ،إن عاجلاً أو آجلاً ؛إني منتظر ذلك معكم ،لأن لي الثقة المطلقة برسالات ربي في وعده ووعيده .وجاء العذاب لهؤلاء المتمرّدين ،فأهلكهم الله وأبادهم فلم يبق منهم أحد .أمّا هود والذين معه ،فقد أنجاهم الله برحمته ،لأنهم كانوا في مستوى المسؤولية في إيمانهم بالله ،وطاعتهم له ،وصمودهم أمام كل التحديات في سبيل الله ...