ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك تسعة أدلة ، كلها تدل على أن البعثحق ، لأن القادر على إيجاد هذه الأشياء ، قادر - أيضا - على إعادتهم إلى الحياة ، فقال - تعالى -:( أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً ) والاستفهام هنا للتقرير ، أى:لقد جعلنا - بقدرتنا التى لا يعجزها شئ - الأرض كالفراش الممهد الموطأ ، لتتمكنوا من الاستقرار عليها ، ومن التقلب فيها . . كما يتقلب الطفل فى مهده ، أى:فراشه .
والمهاد:مصدر بمعنى الفراش الموطأ الممهد ، وهو اسم لما يوضع للصبى لكى ينام عليه ، ووصفت الأرض به على سبيل المبالغة فى جعلها مكان استقرار الناس وانتفاعهم وراحتهم ، والكلام على سبيل التشبيه البليغ ، أو على حذف مضاف .
وجعل بمعنى صير . أى:لقد صيرنا الأرض بقدرتنا كفراش الصبى بالنسبة لكم ، حيث تتقلبون عليها كما يتقلب الصبى فى فراشه . . أو صيرناها ذات مهاد .
قال صاحب الكشاف ما ملخصه:فإن قلت:كيف اتصل قوله:( أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً ) بما قبله؟ قلت:لما أنكروا البعث قيل لهم:ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة على كمال قدرته ، فما وجه إنكار قدرته على البعث ، وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات؟
ومهادا:فراشا ، وقرئ:مهدا .
ومعناه:أنها لهم كالمهد للصبى ، وهو ما يمهد له فينوّم عليه ، تسمية للممهود بالصدر ، كضرب الأمير ، أو وصفت بالمصدر ، أو بمعنى ذات مهد . .