وقوله- تعالى-:وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ بيان لنعمة أخرى هي أجل النعم وأعظمها.
والنجد:الأرض المرتفعة، وجمعه نجود، ومنه سميت بلاد نجد بهذا الإسم، لأنها مرتفعة عن غيرها ... والمراد بالنجدين هنا:طريق الخير. وطريق الشر، أى:وهدينا هذا الإنسان وأرشدناه إلى طريق الخير والشر، عن طريق رسلنا الكرام، وعن طريق ما منحناه من عقل، يميز به بين الحق والباطل، ثم وهبناه الاختيار لأحدهما، كما قال- تعالى-:إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً.
قال بعض العلماء:وكأنهما إنما سميا نجدين- أى:سبيل الخير والشر:لأنهما لما وضحت الدلائل، وقربت الحجج، وظهرت البراهين، جعلا كالطريق المرتفعة العالية، في أنها واضحة لذوي الأبصار.
أو إنما سميا بذلك، للإشارة إلى أن في كل منهما وعورة يشق معها السلوك، ولا يصبر عليها إلا من جاهد نفسه وراضها، وليس سلوك طريق الشر بأهون من سلوك الخير، بل الغالب أن يكون طريق الشر، أشق وأصعب، وأحوج إلى الجهد. .