قوله:{وهديناه النّجدين} هدى الله الإنسان النجدين .وهما طريق الخير وطريق الشر .فقد بيّن الله للإنسان هذين السبيلين تبيينا كاملا مستفيضا لا لبس فيه ولا نقص ،وبيّن له أن أول هذين السبيلين يفضي إلى الجنة حيث النجاة والسعادة ،وأن ثانيهما يفضي إلى النار حيث العذاب والنكال .وذلك كله بعد أن بثّ الله في الإنسان استعداده لفعل الخير والشر وقد حرّضه على فعل الخير تحريضا ،وحذره من فعل الشر تحذيرا .وفوق ذلك كله فإن الله جل وعلا قد أودع الإنسان خصائص كبريات .أولها العقل المميز الممحّص الرادع ،وغير ذلك من خصائص الحياء والمروءة والرأفة والشفقة والضمير الحافز المبكّت ،اللوام .كل أولئك أسباب عظيمة للتحريض على فعل الخير ،واختيار طريقه ،ومجانبة الشر وفعله .وليس على الله لأحد بعد ذلك من حجة .فإن جنح الإنسان بعد ذلك كله للشر فلا يلومنّ إلا نفسه .