قوله تعالى{الله الذي رفع السّماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخّر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمّى يدبّر الأمر يفصّل الآيات لعلّكم بلقاء ربكم تُوقنون}
قال ابن كثير: يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه أنه الذي بإذنه وأمره رفع السموات بغير عمد ،بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدا لا تنال ولا تدرك مداها ،فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها ،مرتفعة عليها من كل جانب على السواء ،وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام ،وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عام ،ثم السماء الثانية محيطة بالسماء الدنيا وما حوت ،وبينها وبينها من البعد مسيرة خمسمائة عام ،وسمكها خمسمائة عام ثم السماء الثالثة محيطة بالثانية ،بما فيها ،وبينها وبينها خمسمائة عام وسمكها خمسمائة عام وكذا الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة ،كما قال تعالى:{الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} .وفي الحديث:"ما السموات السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة والكرسي في العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة ".
وانظر سورة البقرة آية( 29 ) وتفسيرها .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله:{بغير عمد ترونها} قال: رفعها بغير عمد .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد:{وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} قال: الدنيا -أي فناء الدنيا- .
قال ابن كثير: وقوله{وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} قيل: المراد أنهما يجريان إلى انقطاعهما بقيام الساعة ،كقوله تعالى:{والشمس تجري لمستقر لها} .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد:{يدبر الأمر} يقضيه وحده .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة:{لعلكم بلقاء ربكم توقنون} ،وإن الله تبارك وتعالى إنما أنزل كتابه وأرسل رسله ،لنؤمن بوعده ،ونستيقن بلقائه .