قوله تعالى{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا}
قال ابن كثير: يقول تعالى{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} أي لا تتصرفوا له إلا بالغبطة{لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} .
أخرج مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: يا أبا ذر ،إني أراك ضعيفا ،وإني أحب لك ما أحب لنفسي: لا تأمرن على اثنين ،ولا تولين مال يتيم ".
وقد تحرج الصحابة رضي الله عنهم عندما نزلت هذه الآية فعزلوا طعامهم وشرابهم من طعام وشراب اليتامى وذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى{ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} سورة البقرة آية: 220 ،وتقدم تفسيرها هناك .
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} قال: كانوا لا يخالطونهم في المال ولا مأكل ولا مركب ،حتى نزلت{وإن تخالطوهم فإخوانكم} .
ومن صفات المؤمنين الوفاء بالعهد حيث قال تعالى{والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} سورة المؤمنون: 8 ،وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعهد وبعهده فقال{بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين} آل عمران: 76 ،{وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} سورة النحل: 91 ،وحثّ ورغّب في ذلك فقال{ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما} سورة الفتح: 10 ،وحذر من مغبّة نقض عهده فقال{والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} الرعد: 25 ،ووبخ وعاب على المخالفين من بني إسرائيل فقال{أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون} سورة البقرة: 100 .