قوله تعالى:{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا ( 34 ) وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ( 35 )} قضى الله أن لا يقرب الناس مال اليتيم بغير حق أو على سبيل الطمع ،كأكله إسرافا وبدارا قبل أن يبلغوا الرشد ؛بل أمرهم أن يقربوه بالتي هي أحسن .وذلك أن يتصرفوا فيه بقصد الإصلاح والتثمير .وقيل: لما نزلت هذه الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله ( ص ) فكانوا لا يخالطونهم في طعام أو أكل ولا غيره ،فأنزل الله تعالى: ( وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ) فكانت هذه لهم فيها رخصة .
قوله: ( حتى يبلغ أشده ) الأشد ،بمعنى القوى في البدن والعقل والتجربة ،وصلاح حاله في دينه وسلوكه .وعندئذ تزول عن اليتيم ولاية غيره .
قوله: ( وأوفوا بالعهد ) العهد يشمل كل عقد من العقود فيما بين الناس ،سواء في البيوع أو الإجارات أو الشركات أو الأيمان النذور أو عقود الصلح والأنكحة أو ما يجري من تعاقد بين المسلمين وأهل الحرب كالصلح ونحوه ؛فكل ذلك عهد يجب الوفاء به .
قوله: ( إن العهد كان مسؤولا ) الله سائلكم عن نقض العهود فلا تنقضوها ؛فإنه لا ينقض العهود والمواثيق أو يخفرها إلا الغادرون الخائنون .لا جرم أن المسلمين أصدق الناس حديثا وأوفاهم عهدا وأبعدهم عن مواطن الخداع والخيانة والدغل{[2682]} .