قوله تعالى{يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا}
أخرج الطبري بنده الصحيح عن مجاهد{بإمامهم} ،قال: نبيهم .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة بلفظ: أنبيائهم .
قال الشيخ الشنقيطي: ويدل لهذا القول قوله تعالى{ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظمون} وقوله{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} وقوله{ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء} الآية ،وقوله{وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء} الآية .
أخرج آدم بن أبي إياس والطبري بالسند الصحيح عن مجاهد{يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} بكتابهم .
وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن الحسن بلفظ: بكتابهم الذي فيه أعمالهم .
قال الشيخ الشنقيطي: ويدل لهذا قوله تعالى{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} وقوله{وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون} وقوله{ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه} الآية ،وقوله{وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا} أ . ه .
قال ابن كثير: وهذا القول هو الأرجح لقوله تعالى{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} سورة يس آية: 12 ،وقال تعالى{ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} سورة الكهف: 49 ،وقال تعالى{وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} سورة الجاثية آية: 28-29 ،وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته فإنه لا بد أن يكون شاهدا عليها بأعمالها كما قال{وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء} سورة الزمر آية69 ،وقال{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا على هؤلاء شهيدا} سورة النساء آية: 41 ،ولكن المراد هاهنا بالإمام هو كتاب الأعمال ولهذا قال تعالى{يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم} أي من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح يقرؤه ويجب قراءته كما قال تعالى{فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقروا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه} إلى أن قال{وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدري ما حسابيه} سورة الحاقة الآيات 19-20 .
قال الشيخ الشنقيطي: وذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الذين يؤتون كتابهم بأيمانهم يقرءونه ولا يظلمون فتيلا ،قد أوضح هذا في مواضع أخر كقوله{فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه} إلى قوله{وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه} .
وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة{ولا يظلمون فتيلا} قال الذي في خلق النواة .