قوله تعالى{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله}
قال ابن كثير:وقد خصص الجمهور من ذلك ميتة البحر لقوله تعالى{أحل لكم صيد البحر وطعامه}وحديث العنبر في الصحيح . وفي المسند والموطأ والسنن قوله صلى الله عليه وسلم في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". اه .
وصححه الترمذي( السنن-الطهارة1/101 ، 100 )وصححه البخاري فيما سأله الترمذي عنه ( علل الترمذي1/136 )وصححه الحاكم ووافقه الذهبي( المستدرك1/140 ) وقال البيهقي حديث صحيح( المعرفة1/152 )وقال البغوي:صحيح متفق على صحته( شرح السنة2/55 ) وصححه ابن الملقن ونقل تصحيح ابن الأثير ، وقال ابن كثير:إسناده جيد( التفسير6/126 ) . والألباني( صحيح سنن ابن ماجة1/67 )وفي السنة تخصيص آخر وهو ما اخرجه أحمد( المسند رقم5723 )وابن ماجة( السنن-الصيد-باب صيد الجراد والحيتان ) .
عن ابن عمر مرفوعا:أحلت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان فالحوت والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال .
وقد روي موقوفا وهو أصح وله حكم الرفع .
وصححه الألباني( سلسلة الأحاديث الصحيحة1118 ) .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى:{وما أحل به لغير الله}قال:ما ذبح لغير الله مما لم يسم عليه .
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية:ما ذكر عليه غير اسم الله .
قال مسلم:حدثنا قتيبة بن سعيد . حدثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، عام الفتح ، وهو مكة: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ".
فقيل:يا رسول الله . أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ؟ فقال: "لا . هو حرام ". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند ذلك: "قاتل الله اليهود . إن الله عز وجل لما حرم عليهم شحومها . أجملوه ثم باعوه . فأكلوا ثمنه ".
( الصحيح( 3/1207 ح1581-ك المساقاة ،ب تحريم بيع الخمر والميتة ..) .
الحديث فيه زيادة تشريع ، حيث لم يقتصر التحريم على تناول عين تلك المحرمات ، بل حرم بيعها أيضا . كل ذلك إبعاد للأمة من التلبس بتلك القازورات بأي وجه من الوجوه إلا ما استثني من دباغ جلود الميتة .
قال الترمذي:حديثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا سلمة بن رجاء قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال:قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يجبون أسنمة الإبل ويقطعون آليات الغنم قال:ما قطع من البهيمية وهي حية فهي ميتة .
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، حدثنا أبو النضر ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار نحوه .
( السنن( 4/74 ح1480- ك الأطعمة ،ب ما قطع من الحي فهو ميت )وأخرجه أحمد من طريق عبد الصمد وحماد بن خالد عن عبد الرحمن . قال الترمذي:حديث حسن غريب ... والعمل على هذا عند اهل العلم . وصححه الحاكم ووافقه الذهبي( المستدرك4/239 )وحسنه السيوطي( الجامع الصغير مع فيض القدير5/461 ) ، وصححه الألباني( صحيح الجامع الصغير5/150-151 ) . وانظر تفصيل الكلام على طرق هذا الحديث في ( البدر المنير2/180-192 ) .
قوله تعالى{ ... فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}
قال الشيخ الشنقيطي:لم يبين هنا سبب اضطراره ، ولم يبين المراد بالباغي والعادي ، ولكنه أشار في موضع آخر إلى ان سبب الاضطرار المذكور المخمصة ، وهي الجوع وهو قوله{فمن اضطر في مخمصة}وأشار إلى أن المراد بالباغي والعادي المتجانف للإثم ، وذلك في قوله{فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم}والمتجانف المائل ، ومنه قول الأعشى:
تجانف عن حجر اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها لسوائكا
فيفهم من الآية أن الباغي والعادي كلاهما متجانف لإثم ، وهذا غاية ما يفهم منها . وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس{فمن اضطر}يعني:إلى شئ مما حرم{غير باغ ولا عاد}يقول:من أكل شيئا من هذه وهو مضطر فلا حرج ، ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى .
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد{غير باغ ولا عاد}يقول:غير قاطع سبيل ، ولا مفارق الأئمة ولا خارج في معصية الله عز وجل .